حباها الله بأجمل صور الطبيعة وجمعت بين مظاهر التل والصحراء، واحاتها وواديها وكرم سكانها أوقعوا الفنانين وخصوصا الرسامين منهم في حبها حتى الثمالة. * بوسعادة أو مدينة السعادة، كما تسمى أقرب واحة إلى الجزائر العاصمة، كانت ولا تزال قبلة للسياح، نظرا لمناظرها الخلاّبة وتراثها الثري وطيبة ناسها وكرمهم، الفنانون على اختلاف مجالاتهم أغرموا ببوّابة الصحراء التي استهوت الشعراء والكتّاب والسينمائيين والرسّامين الذين ألهمتهم لوحات عدة ترجموا من خلالها ما اكتنفهم من حب وولع وشغف بمدينة السعادة التي خلّدوها في لوحاتهم. * الرسّام الأول الذي شغفته بوسعادة حبا هو الرسام الفرنسي المعروف "ألفونس ايتيان ديني" الذي حوّلته واحة بوسعادة إلى"ناصر الدين ديني" وهو الذي قال عن بوسعادة: "لو كانت الجنة في السماء لكانت فوق مدينة بوسعادة، ولو كانت في الأرض لكانت هي مدينة بوسعادة". هذا الفنان الذي وجد ذاته في بوسعادة وهو الذي ولد وعاش ببلاد الجن والملائكة "باريس"، زار الجزائر أول مرة سنة 1883واستقرّ ببوسعادة سنة 1905 وقضى بها بقية حياته إلى أن توفي سنة 1929، وضريحه موجود بالمدينة. فرسم خلال فترة استقراره بالمدينة الكثير من اللوحات العالمية عن أطفال بوسعادة وشيوخها ونسائها، كما رسم لوحات عدة عن مناظر المدينة الساحرة التي سحرته مشكلة مصدر الوحي الأساسي له، وقد تم استرجاع بعض لوحاته من طرف المتحف المسمى باسمه ببوسعادة. * "ادوارد فيرشافلت" رسّام بلجيكي أولع هو الآخر بمدينة ال3000 آلاف واحة، ولد سنة1874 بمدينة "غاند" ببلجيكا، خريج مدرسة الفنون الجميلة في"أنوفر"، اختار الإقامة في بوسعادة مدة 40 سنة كاملة بحي "الهضبة" قاطعا بذلك أي علاقة له مع أوربا، فتزوج من امرأة بوسعادية وأنجب منها ولدين (لا يزالان على قيد الحياة بالجزائر). كان "ادوارد" يعكس الواقعية دون أن يلجأ إلى الواقع في أغلب لوحاته التي ترجم من خلالها عشقه لجمال صحراء بوسعادة وطيبة ناسها، وظل كذلك إلى أن وافته المنية سنة 1955 ببوسعادة، تاركا وراءه لوحات لا تزال تزين أكبر المتاحف الأوربية. * أرمادة من الفنانين زاروا بوسعادة وتعلّقوا بها، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر"نواري مكسيم"، "أوجين جيرارديه"، "بوان أرمون"، "تيودور شاسيريو"، "دو لا كروا" و"بول لازيرج" وغيرهم كثيرون ممن آثروا العيش في بوسعادة على الإقامة بأكبر العواصم الأوربية، لما ألفوه من سحر الطبيعة ونعموا به من كرم الضيافة إبّان تواجدهم ببوسعادة.