كثر الحديث مؤخراً عن مخارج النجدة ... للأزمة الجزائرية، والكل يحاول "التفلسف" أو أنه على حق ... والباقي على باطل في تحليلهم ورؤيتهم لحل الأزمة، وحتى المذاهنون، بدأوا يكشروا الوجوه مع حملة الغضب المنتشرة في ربوع الوطن، عسى أن يركبوا الموجة من عدمها .... * ومن بين التحليلات، البعض أصبح ينادي بضرورة إرساء تأسيسية، أو مجلس وطني، والطرف الآخر رافض رفضاً قطعياً هذا الحل بحجة ذلك إنكار لخمسين سنة من الانجازات؟؟، فالخطاب الديموقراطي، والمبسط للأحداث الجزائرية وعدم السماع للآخر، هو الذي قادنا لهذه الحالة، والنكسات المتكررة، فالكل ينادي على ليلاه وأنه صاحب الخلطة السحرية ... * فحتى التجمعات، والجمعيات، والتحالفات، المنشأة هنا، وهناك كلها تحاول نسب شعارات فضفاضة، أو الاسترزاق السياسي بمصطلح "التغيير" -حاليا- من أقصى اليمين لأقصى اليسار، - إن وجد هذا المصطلح في القاموس السياسي الجزائري- ... * كما أصبحت "موضة" أو صيحة أخرى في أعراف السياسة الجزائرية، وهي الرسائل المفتوحة والمشفرة للعديد من القادة، موجهة للرأي العام، والاستهلاك الخارجي، للتموقع ولعبة الشطرنج في المشهد السياسي المستقبلي، عسى أن يحصل على مقعد أمامي، وليس مقعد إضافي في الخريطة السياسية، فأصبحت المواعيد التاريخية والوطنية، مواعيد "بارميتاز" تشابه "الحمام الساخن" لغسل العظام، ومحاولة الخروج بالهندام الجديد الذي يليق بالمرحلة !! ...فالمشهد الكرنفالي والتسويقي للعديد من الفعليين والمتسلقين يحدث أمام تجاهل تام"للسلطة "!!.. فحتى هذه السلطة أصبحت تتعامل بخطابات "حسن النوايا" والكل ينادي بالتغيير الجذري والشامل، وتغيير * "الهندسة الهيكلية" للدولة الجزائرية، وتطعيمها بالشباب، ولكن لمن تقرأ زبورك يا داوود ؟! فإنها خطابات نوايا لا تتعدى سوى أماني أو ك"دخان أسود" على طريقة الفاتيكان، إنه لم يحن بعد مرحلة اختيار الديمقراطية أو من يحمل هموم إرسائها...!! * كل هذه التصرفات "الموجودة" والقائمة تعمل على تعفن الوضع، أكثر من تأسيس لحياة سياسية وديمقراطية نزيهة وصحيحة، وحتى بعض القوانين التي تناقش حالياً على غرار قانون البلدية، أريد له أن يخرج بدون شنب، أو على شاكلة ويلٌ للمصلين أمام "رداءة" متزايدة للأداء النيابي وبدون أدنى تحمل للمسؤولية، ومؤشراته "الغيابات والديمقراطية الصورية" وظاهرة النبرة القوية -فقط- السائدة في قبة البرلمان. * فالاسترزاق السياسي ... أصبح "السيد" بحكم مشروعية العديد من الأحزاب، والمنتخبين الذين لم يكونوا وليد "صندوق الانتخابات" بقدر ما كانوا وليد التحالفات الطرفية، ومصادرة إرادة الشعب، فالقوة هي ليست قوة ذاتية بقدر ماهي قوة خارجية عن الأطوار العادية والشرعية الحزبية ... أمام هذا الوضع "الكارثي" لتكون لنا الشجاعة إيجاد "مخارج النجدة" الحقيقية بعيداً عن كل نرجسية، أو أبوة، ولنجعل الجزائر هي السقف، وهي الحد في التعامل، وليس الحزب، أو الشخص ... وإن كانت تصح التأسيسية، وترأب الصراع، وتلملم الأطياف السياسية، فلنمضي قدماُ بدون عقد نفسية، أو غيرها من العقد والتعقيدات الأخرى ... وإن كان هناك مخرج آخر للنجدة، فلنحاول أن نبتكر الحلول، ولنستمع لبعضنا، ولنبتعد عن سياسات الزردة، والريموت، والاسترزاق السياسي ... * أخيراً ... ما دفعني لكتابة المقال، ما أراه وأسمعه ونعانيه يومياً في جزائرنا، وحولنا وكأننا والحمد لله وأننا بخير، وعافية، وبعيدين عن هشيم النار، ولكن نسى العديد منهم أن التغييرات " المفاجئة "التي غيّرت الخريطة السياسية في العديد من الدول، أنها ليست بعيدة عن الجزائر، فكل شيئ ممكن؟! في ظل التعفن وقصر النظر، وسوء التدبر، فكل ديك إن أعدمته، فصيحاته المنبهة للفجر لا تمنع من بزوغ الفجر، فالنتشبث بالفجر الصادق وليس بالفجر الكاذب وما نريد إلا الإصلاح ....