قال إعلاميون عرب شاركوا خلال هذا الأسبوع في ندوة عنوانها "الإعلام العربي والتواصل مع الآخر" أن الشرط الأساسي لنجاح مثل هذا التواصل يرتبط بشكل أساسي بضرورة توفر روح العقلانية بعيدا عن العاطفة ونبرة الاحتجاج التي تميز مفردات الخطاب الإعلامي العربي، وهو الأمر الذي أكد من خلاله المشاركون في هذه الندوة بمدينة أصيلة المغربية، أنه لن يتم إلا بتحديد هوية الآخر الذي يراد التواصل معه، حيث قال المدير العام لقناة الجزيرة وضاح خنفر "أن الآخر ليس بالضرورة هو الغرب، ولكنه أيضا الصين وتركيا، والهند وآسيا ككل، إضافة إلى إفريقيا التي أهملنا مسألة التواصل معها". قادة بن عمار وقد تضمنت هذه الندوة جردا شاملا لأداء الإعلام العربي خلال الأحداث الساخنة التي مرت بها المنطقة في السنوات القليلة الماضية، واكتسى الحدث أهميته من منطلق المشاركة الواسعة والنوعية لجميع المنابر الإعلامية العربية ابتداء من قنوات الجزيرة، العربية، أبوظبي، والحرة.. وصولا إلى ممثلين عن الجرائد اللندنية مثل الحياة، الشرق الأوسط، القدسي العربي، وانتهاء ببعض الصحفيين الممثلين لبلدانهم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.. إلا الجزائر، فقد كانت الغائب الأكبر كالعادة، ولم يتضح ما إذا كان الأمر يتعلق بتمنع جزائري أو تجاهل مغربي، خصوصا أن هذه الندوة عقدت برعاية مباشرة من القصر الملكي والحكومة المغربية، وقد كان واضحا إصرار وزير الخارجية محمد بن عيسى على حضور جميع الجلسات والتعقيب على بعض المداخلات دون التردد في اضافة بعض التوابل المشيدة "بحرية التعبير في المملكة العلوية كتجربة مميزة ورائدة بالمنطقة". ولعل اسم الجزائر لم يأت على ذكره خلاله جلسات الندوة إلا الكاتب والإعلامي التونسي صالح العطية الذي أشاد بالتجربة الصحفية الجزائرية وقال "إنها مهمة جدا، وتستحق الاهتمام بتفاصليها"، وهو الأمر الذي لم يتفاعل معه معظم الحضور، وإن كانوا قد إكتفوا بالصمت موقفا بدلا من مناقشة الفكرة خصوصا أنها جاءت في سياق دفاع الصحفي التونسي المذكور عن فكرته القائلة »بعدم الربط دائما بين الصحافة والمخابرات ورمي جميع عيوب ونقائص الأولى على الثانية، ذلك أن الأداء الإعلامي العربي في حاجة إلى التحرر من هواجسه الأمنية وارتباطاته الإيديولوجية من أجل تقديم مادة إعلامية خبرية سليمة وصحيحة". وبعيدا عن محاولة ربط الصحافة بالمخابرات، وإصرار البعض على ذكر اسم الجزائر وتونس باعتبارهما أكثر البلدان التي تعاني من هذا "الداء المزمن" خرج الإعلامي المصري الشهير ومقدم برنامج "بلا حدود" عبر الجزيرة أحمد منصور عن صمته فاضحا من وصفهم بأنصاف الصحفيين (على وزن أنصاف الرجال لبشار الأسد!) والذي يقومون بالتستر وراء المهنية الزائفة والاحترافية المغشوشة من أجل تقديم خبر مشبوه يفتقد إلى الشفافية والنزاهة للمتلقين، و قال منصور بلهجة حادة "ليس عيبا حصول الصحفيين على معلومات سرية من المخابرات، فحتى أولئك الصحفيون والكتاب الكبار يفعلون ذلك مثل بوب وودورد الأمريكي، وباتريك سيل وربوبرت فسيك البريطانيين..!! لكن العيب بنظر منصور المعروف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين هو"استمرار بعض الصحفيين في الكذب حتى أصبحوا لا يصدقون إن قالوا الحقيقة، فهم غير محترمين ويعملون في مؤسسات إعلامية غير محترمة"!