الرابح الاكبر ما كشفه الجزائري العائد من العراق للشروق اليومي في عدد الأحد، أظهر من بين ما أظهر، أن الحركات الإسلامية المتشددة تبقى خادمة بصيغة أو بأخرى للمشروع الأمريكي في مفاصله الإستراتيجية الرئيسية . فتنظيم "القاعدة" هو الامتداد الرئيسي والطبيعي للأفغان العرب الذين حاربوا السوفيات في أفغانستان، مع ما ترتب على ذلك من تغليب لكفة الغرب في صراعه مع الشرق ممثلا في الإتحاد السوفياتي وسقوط المنظومة الاشتراكية، دون أن نسقط من الحساب هنا الأموال الخليجية الهائلة التي أفرغت وصبت في مجرى هذا "الجهاد" الأمريكي... هذه الأداة "الجهادية" هي نفسها التي حجمت المقاومة العراقية إلى أبعد الحدود، وللجميع أن يتذكر كيف استطاعت المقاومة العراقية وبعد سقوط بغداد بأسابيع أن تشل حركة المحتلين في بلاد الرافدين، وإلى الدرجة التي لم يصبح معها أمام جنرالات "البنتاغون" غير التفرج وانتظار القدر المحتوم الذي كان مصير كل محتل عبر التاريخ، لكن وفي ظل ظروف تلك الأيام، برزت إلى السطح "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" بدمويتها المعروفة وضرباتها العشوائية ومعاداتها للجميع، فكانت النتيجة أن اختلط الحابل بالنابل، ولم يعد المواطن العراقي البسيط وغير البسيط، يفرق بين العدو والحليف أو بين المقاوم وحليف المحتل. وفي ظل هذه الأجواء شرع جنرالات البنتاغون يثبتون أقدام قواتهم، بعد أن تحولت المواجهة من حرب بين المقاومين والأمريكيين وحلفائهم، إلى تناحر عشرات التنظيمات المسلحة فيما بينها في مرحلة أولى، ثم بينها وبين مواطنين عراقيين سبق وقارعوا محتلي بلدهم، كما هو حال صحوات الأنبار ومقاتلي القاعدة، وهو الأمر الذي دفع عامة العراقيين إلى التراجع عن كثير من الحسابات. فمن أفشل المقاومة العراقية، قوات الاحتلال أم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين؟ إن ما قدمته "القاعدة" للمحتل الأمريكي في العراق من خدمات جليلة، لا يختلف في شيء عما قدمه "الأفغان العرب" للإدارة الأمريكية في صراعها مع السوفيات في أفغانستان، مع فارق بسيط هو أن إمارات الخليج العربي ساهمت في حرب أفغانستان، بأموال قال بشأنها بعض الخبراء، إنها كافية لتحرير فلسطين وإعادة بنائها من جديد هي وكل الدول الفقيرة في العالم الثالث... أما الرابح الأكبر الأول والأخير فهو الأمريكان.