في مقال مستفيض حاول توماس فريدمان الصحفي الأمريكي الأكثر ذيوعا أن يفسر اخفاقات السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامي والوطن العربي ويسجل أن المعتدلين العرب والاحداثيين الإسلاميين لم يتمكنوا من ملء الفراغ بالإصلاح والحكومات الجديدة فهم يفوزون بالتزكية.. * * * فريدمان ينتقد انتخابات إيران والصين واعتقال عشرات الصحفيين هنا وهناك وينتقد تشدد حزب الله وحماس والمجموعات الإسلامية..لكنه لا يفتح فمه عن أنظمة ملكية وراثية متعفنة تحرم المرأة من سياقة السيارة وتحول ثروات البلد إلى أسرة الملك أو الأمير ولا يتحدث عن تكميم الأفواه في دول ليس لها إلا ميزة واحدة صداقة أمريكا والاعتدال في الموقف من إسرائيل. * وفي حديث فريدمان عن العالم الإسلامي اتجاه إلى توصيفات معلبة تدين كل محاولة للنهضة مستقلة عن رغبات الأمريكان والغربيين وهو يعكس إلى أمد بعيد جهل المؤسسة الأمريكية في فهم المنطقة والعالم الإسلامي والحراك الثقافي والاجتماعي فيها ويكشف عن حجم التناقض في السياسة الأمريكية وفقدان الجملة السياسية الأمريكية مبررات ومنطق يمكن تسويقه في العالم.. هو يدين الخميني وأفغانستان والعراق وحزب الله وغزة لأنهم متشددون لكنه يجهل ويقول بان البوارج الأمريكية والسلاح الأمريكي يطوح بمعاقل المتشددين العرب والمسلمين الواحد تلو الآخر مع انه يظهر قلق الأمريكان من عجز صنائعه لملء الفراغ. * إن أمريكا هي من يفشل أصدقاءها في العالم الإسلامي والوطن العربي..فهل ما تقوم به الطائرات الأمريكية ضد الأفغان وتحصد مئات وآلاف الأبرياء هل هذا يمكن للرئيس الأفغاني صديق أمريكا وصنيعتها؟ هل سلوك الجيش الأمريكي في العراق واهانته لأهل البلد والسرقات المتعمدة وتدمير مدن وقرى وقتل مليوني عراقي هل هذا يمكن لأصدقائها الذين جاءوا على ظهر دباباتها؟ هل دعم أمريكا لإسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني واستمرار استيطانها والقتل المنظم للشعب الفلسطيني ودعمها لحكومة متطرفة تحوي من الوزراء المفرطين في عنصريتهم هل هذا يعطي فرصة لأصدقاء أمريكا من الفلسطينيين الذي وثقوا بسياستها إلى الدرجة التي أوقفوا فيها كل مقاومة مشروعة؟؟ * وبعد ذلك كله يشكو الأمريكان من عدم تمكن أصدقائهم الفلسطينيين والعراقيين والأفغان والباكستانيين من التصدي للإرهاب والمجموعات المتشددة..إن أمريكا لا تريد أصدقاء ولا حلفاء أنها تريد عملء فقط ليس لهم دور إنما فقط يؤدون خدمات للحملة الاستعمارية على العالم الإسلامي ..وهم يقدمون هذا النموذج من الساسة ويفتحون لهم أبواب مكاتب ال "سي ايي ايه "ومكاتب السفارات الأمريكية في محاولة لإبرازهم ليكونوا جسر عبورها للمنطقة..إنهم لا يردون للمعتدلين والحداثيين "العملاء" أن يكونوا بديلا عن المتشددين والمتطرفين من الإسلاميين ..إنهم يريدونهم خدما لمشروعهم ومن ثم يلقون بهم عرض الحائط والتاريخ المعاصر كشف لنا كيف يتعامل الأمريكان مع عملائهم.