أشار تقرير التنمية البشرية في العالم العربي الذي تم تقديمه أمس بالجزائر العاصمة والذي حمل شعار "نحو نهوض المرأة في الوطن العربي" إلى أن المرأة العربية لا تزال تعاني قصورا في اكتساب وتوظيف القدرات البشرية في مختلف المجالات منها: التعليم والصحة والاقتصاد والسياسة، مشددا على الدعوة إلى تغيير أوسع وأعمق. وتوجد في هذا التقرير الصادر عن برنامج الأممالمتحدة للتنمية، مشكلة، على خلاف التقارير السابقة وخصوصاً التقرير الثالث الخاص بالحريات والحكم الصالح الذي كان يشتبك أساساً مع نظم الحكم، إذ إن التقرير الجديد يتعارض مع مجمل البيئة المجتمعية العربية سواء في السلطة أو المعارضة في البلدان العربية، مبينا أن دمج النساء الحياة الرسمية العربية جاء تحت ضغط الغرب والمنظمات الدولية مما جعل سلطة النساء اللواتي يتم تعيينهن في مواقع القرار لا تعكس سلطة فعلية مؤثرة باعتبار أن تعيينهن يبقى محدوداً بحقائب وزارية غير مؤثرة، مثل وزارتي شئون المرأة والشئون الاجتماعية. وقال أمس الدكتور عبد الوهاب رزيق عضو المجلس الاستشاري للتقرير أن تقرير التنمية البشرية لسنة 2005 لم يشر بشكل واسع للنتائج التي حققتها المرأة الجزائرية في مجالات الأعمال والتعليم العالي والمشاركة السياسية، كما لم يتطرق للخصوصية الجزائرية في مقارنته لوضع المرأة العربية. ويشخص التقرير القدر الأكبر من التمييز ضد المرأة في الوطن العربي في قوانين الأحوال الشخصية، والقصور في وعي المشرع العربي الذي يقول التقرير إنه ينحاز إلى الرجل حين يفصل في قضايا مثل: الطلاق وجرائم الشرف، مؤكدا أن دول المغرب العربي سجلت إحدى العلامات المضيئة للتقدم الذي أحرزته مقارنة بدول المشرق العربي والسبب حسب المديرة الإقليمية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في المنطقة العربية، إلى تاريخ هذه البلدان وتاريخ الحركات النسائية والأنظمة السياسية المتعاقبة في بعض دول المغرب العربي، التي وضعته في أجندتها الوطنية وركزت على أن موضوع حرية المرأة أساس لوجودها السياسي. ولا يرى التقرير تعارضاً أساسياً أو جوهرياً بين الدين الإسلامي في فهمه الصحيح ونهوض المرأة في الوطن العربي، مشيراً إلى أن بعض التأويلات الفقهية في مراحل تاريخية مختلفة أسهمت في تكريس دونية مكانة المرأة في بعض المجتمعات الإسلامية، ويدعو التقرير إلى فتح ما يسميه "الاجتهاد المستنير في تفسير الشريعة الإسلامية". ويشير معدو التقرير أن هناك قوتين رئيسيتين مسيطرتين تكبحان نهوض المرأة في العالم العربي، هما: الأنظمة العَلمانية القهرية التي عملت على التلاعب بقضايا المرأة بحسب مصالحها السياسية، وصعود الحركات الإسلامية بحسب التقرير الذي اعتبر أن الصعوبة الحقيقية التي واجهت الإسلاميين مع قضية المرأة لا ترتبط فقط بخطابهم ونظرتهم المحافظة إزاء مكانة المرأة وإنما في إيديولوجيتهم الأوسع - على حد تعبير التقرير. عبد الوهاب بوكروح