في جولة قادتنا إلى إحدى قرى بلدية «تيجلابين» الواقعة شرق بومرداس، ونعني بالذكر قرية «المرايل»، حاولنا من خلالها الوقوف على ظروف العيش لدا أهلها، غير أن ما لمسناه على أفواههم يحكي الكثير من الاستياء وتذمر شديدين لديهم، بفعل تعاظم معاناتهم جراء جملة من المشاكل والنقائص التي حرمتهم العيش الكريم كسواهم، وحوّلت حياتهم إلى جحيم حقيقي لا يطاق في ظل عدم استفادة هذه القرية من مختلف البرامج التنموية والتي تسطرها المصالح البلدية لفائدة مختلف التجمعات والقرى التابعة لإقليمها، وهو ما جعلها تقبع منسية وسط عزلة وتهميش فرضتا عليها منذ سنوات التردي الأمني وإلى غاية يومنا هذا،. طرقات مهترئة تحتاج إلى إعادة اعتبار
ومن جملة المشاكل التي طرحها سكان القرية المذكورة مشكل اهتراء الطرقات، هذه الأخيرة التي أضحت تتواجد في وضعية كارثية خاصة في الأيام التي تتساقط فيها الأمطار، إذ تتحول الحفر والمطبات بها إلى برك مائية ممتدة يستحيل استعمالها من قبل أصحاب المركبات خصوصا، وذلك خوفا من تعرض سياراتهم إلى أعطاب فتزيدهم أعباء مالية إضافية هم في غنى عنها، ولأن غالبية سكانها من ذوي الدخل المحدود فإن ذلك لم يمكنهم من الاعتماد على أنفسهم في استصلاح الطرقات التي كثيرا ما تقف حائلا أمام تنقلاتهم خاصة مع كل موسم شتوي، وهو ما يستوجب -حسبهم- ضرورة التدخل العاجل للجهة الوصية والعمل على تسوية المشكل الحاصل بتزفيت تلك الطرقات على اعتبار أنها بحاجة إلى تهيئة سليمة بعيدا عن سياسة "البريكولاج" التي يعتمدها بعض المسؤولين لتجنب حدوث فوضى واحتجاجات من قبل المواطنين كما هو معهود في كثير من الأحيان وعلى مستوى عديد المناطق الجزائرية.
عائلات معوزة تعتمد على الحطب للطهي والتدفئة!! هذا كما يشتكي هؤلاء من عدم تزويدهم بالغاز الطبيعي، والذي أضحى حسبهم أكثر من ضرورة، نظرا لحاجتهم الماسة إليه في الطهي، التدفئة ومختلف مشاغل الحياة من جهة، ووقوع قرية «المرايل» على مخرج البلدية، وهو ما يضاعف معاناة البحث الدائمة لهؤلاء السكان عن قارورات غاز البوتان، فيما تعمد العائلات المعوزة القاطنة بها إلى إتباع طرق بدائية كالاستعانة بالحطب لأجل ضمان الدفء لأطفالها وتحضير وجبات ساخنة تتلاءم وبرودة الطقس، وذلك بحكم قلة مدخولها الشهري. انعدام النقل المدرسي يرهن مستقبل البراءة من جهتهم أطفال القرية يشتكون من انعدام وسائل النقل المدرسي وكذا من بعد المدارس عن سكناتهم، وهو ما جعلهم يهجرون مقاعد الدراسة في وقت مبكر، بعد أن سئموا مكابدة التنقل اليومي للالتحاق بمقاعد الدراسة مع مطلع كل صباح وسط ظروف صعبة للغاية، لاسيما بعد أن وجدوا أنفسهم محاصرين بين قساوة التهميش والحرمان في الآن نفسه، هي إذن حياة مريرة لم تقوى البراءة على تحملها، فما كان لهم إلا أن اضطروا مكرهين لا مخيرين على مغادرة مقاعد الدراسة قبل الأوان، فالمشاكل العديدة التي كانت تواجههم وتقف عقبة أمامهم لمواصلة تعليمهم على غرار تلك المذكورة سلفا، إلى جانب الفقر الذي يلازم عائلاتهم حال دون مقدرة أوليائهم على ضمان الإمكانيات اللازمة لهم، ووقتها راحوا يتوجهون لمزاولة الحياة العملية مبكرا، ونجم عن ذلك تضاعف معدل التسرب المدرسي بشكل مقلق للغاية، ما يعني ضرورة التدخل العاجل للسلطات المعنية لوضع حد لهذه الظاهرة التي تهدد مستقبل هؤلاء العزل وتهز الكيان الأسري والاجتماعي على السواء.
البطالة، المخدرات والتسكع إحدى كواليس يوميات الشريحة الشبانية شباب قرية "المرايل " أبدوا بدورهم كذلك تذمرهم من واقعهم المعيشي الصعب، في ظل غياب أدنى المرافق الترفيهية والرياضية، إذ تفتقر القرية حتى لدار شباب أو ملعب جواري ينسيهم يومياتهم الفارغة والتي يقضونها في التسكع هنا وهناك دون فائدة، علما أن توفرها من شأنه أن يعمل على تنمية وصقل المواهب الشابة والذهاب بها بعيدا ولما لا يقول هؤلاء، لاسيما أن أغلبهم تركوا مقاعد الدراسة في سن مبكرة، وهو ما جعل العديد منهم يقع في دائرة الآفات الاجتماعية وطريق الهجرة ولو بصفة غير شرعية معرضين أنفسهم للخطر، على أمل تحقيق حلمهم المفقود هناك في الضفة الأخرى. كما أن ظروف التهميش والإقصاء حسبهم أدت وبصفة غير عادية إلى تفشي الآفات الاجتماعية بين أوساط الشباب، كتعاطي المخدرات في محاولة منهم للهروب من الواقع المر وهاجس البطالة الذي يؤرق غالبيتهم، وحوّل يومياتهم إلى جحيم حقيقي لا يطاق. وانطلاقا مما تقدم جدد سكان قرية المرايل الجهات الوصية الالتفات لمعاناتهم، ولا يتأتى ذلك حسبهم إلا بإدراجهم في مختلف البرامج التنموية التي تستفيد منها بلدية تيجلابين، وبالشكل الذي يضمن النهوض بواقعهم إلى حال أفضل غير الذي يحيونه اليوم، بعيدا عن العزلة التي يعيشون على وقعها منذ أزيد من 20 عاما.