يعرض اليوم الوزير الأول «أحمد أويحيى» بيان السياسة العامة للحكومة أمام أعضاء الغرفة العليا للبرلمان في جلسات عامة يقدم من خلالها ما تم إنجازه خلال ال 18 شهرا الماضية وبرنامج عمل الحكومة للسنوات القادمة، ليفتح المجال أمام أعضاء مجلس الأمة لمناقشة مضمون البيان ابتداء من يوم 23 ديسمبر المقبل. وذكرت مصادر من مجلس الأمة أن إطلالة الوزير الأول على أعضاء مجلس الأمة في هذا التاريخ استثنائية، وتحددت بعد سلسلة من التأجيلات، حيث جرت العادة أن يتم عرض بيان السياسة العامة قبل نهاية السنة بحوالي شهرين، ليتم بعد المناقشة، تمرير قانون المالية للسنة المقبلة للمصادقة عليه، إلا أن حالة هذه السنة خاصة بسبب ارتباطات الوزير الأول الكثيرة في الفترة الماضية، حيث ترأس الجنة المشتركة العليا الجزائرية البرتغالية بمدينة لشبونة، وكذا مشاركته في أشغال الدورة الأولى للجنة المشتركة العليا للتعاون الجزائرية-الإيرانية بطهران، والحالة الصحية لوزير المالية «كريم جودي» التي أخرت عرض قانون المالية سنة 2011، الذي يفرض الدستور تمريره في وقت محدد، ليتسنى بعد ذلك لرئيس الجمهورية توقيعه قبل تاريخ 31 ديسمبر 2010. وسيتبع عرض بيان السياسة العامة للحكومة، بجلسة عامة يوم 23 ديسمبر تخصص للأسئلة الشفوية المتعلقة بقطاعات العدل، الشؤون الدينية والأوقاف، التضامن الوطني والأسرة، الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما سيتم تقديم ومناقشة مشروعي قانونين وذلك يومي 27 و28 ديسمبر الجاري، يتعلق الأول بالمجالات المحمية وإطار التنمية المستدامة والثاني يتعلق بالسينما. وكان الوزير الأول «أحمد أويحيى» قد قدم عرضا حول بيان السياسة العامة للحكومة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني يوم 21 أكتوبر الماضي تضمن حصيلة عمل الحكومة في الفترة الممتدة من 1 جانفي 2009 إلى غاية 30 جوان 2010، معرجا على أهم المحاور الكبرى التي يحتويها برنامج الاستثمارات العمومية للفترة من سنة 2010 إلى غاية 2014، الذي خصصت له الحكومة مبلغا ماليا معتبرا قدره 286 مليار دولار أمريكي. وكشف بيان السياسة العامة الذي قدمه «أويحيى» عن استحداث أزيد من 672 ألف منصب شغل خلال السداسي الأول من السنة الجارية، مبرزا أن خلق مناصب الشغل يعتبر أحد الأهداف الإستراتيجية الدائمة للسياسة الوطنية للتنمية، حيث أشارت الأرقام إلى تراجع نسبة البطالة، كما تم التأكيد أيضا على أن الجماعات المحلية ستضطلع مستقبلا بمزيد من المسؤوليات بفضل مراجعة نصوصها الأساسية وذلك من أجل مواصلة مسار تحسين محيط المواطن ودفع دواليب التنمية، حسب ما تضمنه بيان السياسة العامة للحكومة. وفيما يتعلق بتحقيق أهداف الألفية في مجال التنمية البشرية، أوضح البيان أن الحكومة خلال الأشهر ال 18 الأخيرة سعت إلى تدارك العجز الاجتماعي والاقتصادي المسجل في سنوات الأزمة بشكل يسمح لها بتكريس موارد التنمية الاقتصادية والبشرية من خلال البرنامج الخماسي السابق 2005-2009 وبداية تطبيق البرنامج الخماسي الجديد 2010-2014. وقد خصص البرنامج الخماسي الجديد مبلغ 155 مليار دولار أمريكي لمشاريع عمومية جديدة و130 مليار دولار لمواصلة تنفيذ ما بقي من البرنامج الخماسي السابق الذي اقتضى تخصيص غلاف إضافي لاستكماله. وأكد ملحق بيان السياسة العامة على الصرامة في النفقات العمومية ووضع حد للتبذير وتشجيع المنافسة الاقتصادية الوطنية دون التراجع عن مبدأ العدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن سنة 2009 تميزت بتحسين إطار العيش ومحيط المجتمع والتنمية من خلال تحسين الوضع الأمني وعصرنة العديد من القطاعات الخدماتية كالعدالة، البيئة والتقدم في تنفيذ مزيد من المساكن لتلبية الطلبات المتزايدة، كما قامت الحكومة خلال سنة ونصف بتدعيم القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني وكذا تعزيز الاستقرار والسلم من خلال تعزيز الحوار بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين على أساس احترام الجميع للقانون. وبرز خلال جلسات المناقشة عدة ملفات تقتضي إعادة النظر فيها، تتعلق بضرورة وضع إستراتيجية وطنية واضحة لمحاربة الآفات الاجتماعية من فساد واختلاس للمال العام، المحسوبية، المخدرات و ظاهرة الهجرة غير الشرعية، إلى جانب طرح نواب الغرفة السفلى للبرلمان انشغالات في مجال التربية والتعليم، الصحة، السكن والثقافة، كما شمل النقاش أيضا قانون البلدية إذ عبّر عدد من النواب عن أملهم في أن يحسن هذا القانون أداء الجماعات المحلية ويستجيب لمقتضيات التنمية، كما سجل بعضهم ضرورة تحرير المبادرة المحلية بمزيد من اللامركزية، مقترحين في هذا الإطار إشراك المواطنين في كل المشاريع التي تخصهم وفتح النقاش حول بعض القضايا التي تهم مستقبل البلاد وفرض الشفافية في كل المجالات وعلى جميع المستويات وكذا تفعيل قنوات الحوار والاتصال وفتح المجال السياسي والإعلامي. وإلى جانب هذا، ركز أغلب رؤساء الكتل على موضوع النوعية ومدة الإنجاز وكيفية صرف الميزانيات المخصصة لإنجاز المشاريع المسطرة، معتبرة الأرقام التي حملها تعكس عزم الدولة على مواصلة جهود التنمية وتحسين معيشة المواطنين. وجددت الحكومة تكثيف عملها والسهر على التكفل بتحسين الوضع الاجتماعي للمواطنين، مؤكدة على أن الدولة لم ولن تتراجع عن مبدأ الطب المجاني، وهو ما يتأكد من خلال تعاقد وزارة الصحة مع الضمان الاجتماعي للتكفل بصحة المواطن في إطار تعزيز الرقابة على المال العام، إضافة إلى تواصل مكافحة الإرهاب بنفس الحزم وتحسين الأمن العمومي والحفاظ على سكينة المواطنين. هذا وقد اتخذت الحكومة بداية هذا الشهر عدة تدابير جديدة في عدة قطاعات أهمها الفلاحة، السكن، السياحة، الرياضة، الثقافة والصحة وإصلاح المستشفيات، وقد برزت في مقدمة هذه التدابير تلك المتعلقة بدعم المؤسسات وتخفيف الأعباء الاجتماعية والجبائية وإقرار إجراءات محفزة على الاستثمار، إلى جانب سلسلة أخرى تخص تمويل المؤسسات، دعم استحداث مناصب الشغل ومكافحة البطالة، تطهير الفضاء الاقتصادي ودعم المداخيل والقدرة الشرائية للأسر، فضلا عن ترقية الأداة الوطنية للإنتاج في إطار مراجعة تنظيم الصفقات العمومية.