يرى خبراء أن التظاهرات التي تهز مصر منذ قرابة الأسبوعين قد يكون من نتائجها تخريب العلاقة التي نسجتها أجهزة مكافحة الإرهاب الأمريكية مع نظيرتها المصرية في ظل نظام الرئيس حسني مبارك. وقال خبراء ومسؤولون لوكالة فرانس برس إن الجواسيس المصريين كانوا يساندون نظراءهم الأمريكيين في مطاردة المقاتلين الإسلاميين وتنظيم القاعدة حتى قبل اعتداءات 11 سبتمبر 2001. ويعتبر مايكل ديش برفسور العلوم السياسية في جامعة نوتردام الأمريكية أن ما من شك أن "هناك الكثير من الرهانات" في الوقت الذي يطالب فيه المتظاهرون بسقوط نظام مبارك ورحيل الرئيس نفسه. ولفت ديش إلى أن المصريين "ساعدونا كثيرا في (الحرب على الإرهاب) التي أعلنها الرئيس جورج بوش بعد اعتداءات 11 سبتمبر". وقد تلقت واشنطن خصوصا الضوء الأخضر من القاهرة عند الحاجة لاستخدام أراضيها للقيام بعمليات جوية. كما أن المصريين لم يجدوا شيئا ليقولونه عندما كان الأمريكيون ينقلون إليهم مشتبه بهم بالإرهاب ليخضعوهم لعمليات استجواب شديدة. لكن هذه العلاقة الوثيقة قد تنتهي بسرعة كبيرة إن نجح المتظاهرون في دفع حسني مبارك إلى الاستقالة بعد ثلاثين سنة من حكمه للبلاد. وبحسب مايكل ديش "فان السؤال المطروح هو التالي: هل ستكون حكومة أخرى غير حكومة مبارك متعاونة بهذا الشكل؟". ويضيف "الجواب هو لا على الأرجح". وإذا كان على القادة الجدد أن يبرروا أفعالهم أمام الشعب المصري فمن المرجح أنهم سيكونون أقل ميلا لمساندة الأمريكيين. وحتى الآن فإن الاستخبارات المصرية كانت مستعدة بحسب مايكل ديش "للقيام بالعمل القذر الذي لا نريد القيام به. لكن ذلك سيكون أقل احتمالا بكثير في إطار نظام ما بعد مبارك". ويخشى الأمريكيون أيضا سيناريو "على الطريقة التركية" تبقى فيه مصر فعلا حليفا لكنها لا تتبع واشنطن بشكل أعمى بدون تفكير. ففي 2003 تلقت إدارة جورج بوش ضربة قاسية عندما رفض البرلمان في أنقرة السماح للجيش الأمريكي باستخدام الأراضي التركية كقاعدة لشن عمليات في شمال العراق. ورأى ريك نلسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنه "بقدر ما تنتشر الديمقراطية في دول (المنطقة) بقدر ما هو محتمل أن تدفع قرارات يتخذها الناخبون العملية الديمقراطية قدما، لكنها لن تصب حتما في مصلحة أمن الولاياتالمتحدة". لكنه أكد مع ذلك أن العلاقات التي تم نسجها بين الجواسيس المصريين وشركائهم الأمريكيين لن تسقط طي النسيان لمجرد أن القادة تغيروا في القاهرة. وأضاف إن هناك "شبكة أصدقاء للولايات المتحدة منذ عهد طويل (في مصر) ستستمر بمعزل عن الحكومة القائمة" في نظر ريك نلسون. ومن ثم وحتى بدون حسني مبارك فمن المرجح بحسب مايكل اوهانلون من مؤسسة بروكينغز أن يرى أي رئيس جديد فوائد في استمرار قيام علاقات وثيقة مع واشنطن. وذكر اوهانلون بأن الولاياتالمتحدة ومصر "لهما مصلحة في إفشال كيانات مثل القاعدة، وبشكل أعم احتواء الإسلاميين". وأضاف "بكل تأكيد هذا يعني أن تكون مصر بقيادة قوى معتدلة" كما قال.