الجزائر أبرز عدد من الفنانين التشكيليين الجزائريين المقيمين بالخارج, اليوم الأربعاء بالجزائر العاصمة, في افتتاح منتدى دولي للفن التشكيلي المعاصر, ارتباطهم بتقاليد وقيم الممارسة الفنية الجزائرية واستلهامهم من عناصر التراث الثقافي الوطني لتجسيد مشاريعهم الفنية. وأكد تشكيليون جزائريون محترفون مقيمون بالخارج خلال هذا المنتدى, المنظم بالمدرسة العليا للفنون الجميلة أحمد ورابح عسلة في إطار الطبعة ال8 للمهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر, أن ممارساتهم الفنية ورغم إنتقالهم لفضاء آخر مغاير وانفتاحهم على تجارب فنية عالمية "ماتزال تستند على مقومات وقيم فنية مرتبطة بالتراث الثقافي الجزائري" باعتبارها "خزانا للهوية وللإبداع الأصيل ومصدر إلهام". وفي هذا الإطار, أكد التشكيلي والمصمم الفني, طارق مسلي, المقيم بألمانيا, أنه "يبقى وفيا ومرتبطا بتقاليد الممارسة الفنية بالجزائر التي تلقى أساسياتها على يد والده الفنان شكري مسلي وغيره من التشكيليين في عديد الورشات بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة, على غرار ورشة الفنان دونيز مارتيناز", مشيرا إلى أن الفن التشكيلي الجزائري "يتكئ على موروث غني وبتأثيرات وأبعاد إفريقية ومتوسطية وأندلسية وبالتراث العربي الإسلامي ما يجعله نموذجا نادرا ..". ولفت ذات المتحدث إلى أن رؤيته للفن التشكيلي تهدف ل "صياغة مشروع فني غير مألوف, يمازج بين مختلف الأشكال والتعابير الفنية مع الإٍرتكاز على إستخدام الضوء والصوت وغيرها", مؤكدا أن ما يهمه في الممارسة الفنية هو "النظرة والإحساس الذي يتولد جراء هذا التلاقي", وأن أعماله "موجهة للآخر, لأن الانسان بحاجة للآخر للمضي قدما". وبدورها, أوضحت الفنانة التشكيلية أمينة زبير, المقيمة بفرنسا, والتي استعرضت جوانب من تجربتها الفنية واشتغالها على الهوية والذاكرة, أنه "ينبغي على الفنان التشكيلي أن ينطلق من بيئته ومن القيم الجمالية والفنية لمجتمعه, وأن يستوعبها جيدا باعتبارها أرضية صلبة لأي ممارسة فنية ومشروع فني لينطلق بها نحو الآخر, على اعتبار أن اللقاء مع الآخر إضافة لتطعيم التجربة الفردية بعناصر جديدة مغايرة ..". ومن جهته, تطرق الفنان لتشكيلي الجزائري دريس وضاحي, الذي يقيم ويعمل بألمانيا, لإرتباطه الوثيق بالهوية وذاكرة المكان, إذ يقول أن "أعماله الفنية تعج بهما", وأن "ثمة اتجاه لتوظيف الإرث الذي تشبع به خلال مساره الفني لتنفيذ أعماله رغم توظيفه للتصاميم الحداثية". كما تحدث وضاحي, الذي تخرج من المدرسة العليا للفنون الجميلة في الثمانينيات قبل انتقاله إلى ألمانيا, عن أهم محطات تجربته الفنية التي إنطلقت من الجزائر وتغذت بعناصر التراث التشكيلي المحلي ورواده المشبع بالقيم الجمالية والتقنية, لافتا إلى أنه يجمع من خلال إبداعاته بين تكوينه في الهندسة المعمارية وموهبته في الفن التشكيلي. وتتواصل فعاليات الطبعة ال8 للمهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر, التي افتتحت فعالياتها مساء أمس الثلاثاء, بقصر الثقافة مفدي زكريا بالعاصمة, إلى غاية 7 ديسمبر المقبل, وهذا تحت شعار "من أجل إرث جديد", وبمشاركة 39 دولة بينها فلسطين ضيف الشرف.