أعلنت الحكومة الفرنسية أن الإجراءات المتعلقة بقانون حظر ارتداء النقاب، أو ما يعرف ب «البرقع»، سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من الأسبوع المقبل، وهو ما يؤشّر نحو مزيد من التوتر وسط الجالية المسلمة المقيمة في هذا البلد خصوصا مع تزامنه والجدل الدائر حول الهوية، وكذا الاستهداف الواضح للمسلمين الذين تحوّلوا إلى ورقة انتخابية لدى اليمين المتطرف بزعامة الجبهة الوطنية. وضعت الحكومة الفرنسية خريطة طريق لتطبيق القانون الجديد، الذي صادقت عليه الجمعية الوطنية في شهر أكتوبر الماضي، وهو يقضي بحظر ارتداء النقاب للمسلمات فقط دون غيرهن من الملتزمات من الديانات الأخرى، خاصة المسيحية، واللافت أن القانون يستثني فقط «عدم التعرض للمحجبات اللائي يتواجدن أمام المساجد وفي أماكن العبادة»، كما يمنع على الشرطة «نزع البرقع من على رؤوسهن، في تلك الأماكن». وقد أظهرت تعليمة وجهت إلى كافة ولاة الجمهورية الفرنسية، وهي تحمل توقيع وزير الداخلية «كلود غيون» بتاريخ الواحد والثلاثين من مارس المنقضي، أن هذا القانون يستثني فقط أولئك الذين يستعملون الخوذات خلال ركوبهم الدراجات النارية، بالإضافة إلى المرضى الحاملين للضمادات الطبية، ودروع الوجه، وأزياء قناع المبارزة أو المهرجانات التي تقام داخل التراب الفرنسي. وبحسب مضمون التعليمة ذاتها فإن قرار حظر النقاب يسري كذلك على «ارتداء الحجاب في كل مكان ما عدا في المنازل الخاصة، وغرف الفنادق، ومقر جمعية أو مؤسسة، باستثناء أجزاء مخصصة لاستقبال الجمهور». ويذهب القانون أبعد من ذلك في مسألة التشديد والتضييق على المحجبات المسلمات، حيث جاء في مضمونه أنه «وبالرغم من اعتبار السيارة مكانا خاصا لا يجوز انتهاكه» إلا أنه أعطى الحق لأعوان الأمن بأن يفتشوا تلك السيارات لما أسماه «دواعي أمنية». كما منع القانون الذي أثار الكثير من الجدل «اللجوء إلى القوة» لأن قوات الأمن الداخلي لا يخولها القانون سلطة التعرض للناس على أساس ديني، مثلما يعاقب بالحبس بسنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 30 ألف أورو لمن يُجبر شخصا ما على ارتداء الحجاب. وأكثر من ذلك فإنه فور دخول القانون الجديد حيز التنفيذ في 11 أفريل الجاري ستجد النساء المسلمات المعنيات بهذا القرار أنفسهن في مواجهة قرار دفع غرامة قدرها 150 أورو في حالة ما إذا خالفن تطبيق الإجراءات. يأتي تطبيق هذا القانون في وقت احتدم فيه النقاش في فرنسا بين أطراف سياسية معروفة من أجل استقطاب أصوات انتخابية «مسلمة» تحسّبا لانتخابات الرئاسة العام المقبل، حيث دعا الاتحاد من أجل حركة شعبية بزعامة «نيكولا ساركوزي» إلى عقد ندوة نقاش اليوم الثلاثاء حول موضوع «اللائكية» الذي يستهدف الإسلام، وهي الدعوة التي رد عليها وزير الداخلية الفرنسي السابق ورئيس جمعية «فرنسا-الجزائر»، «جون بيار شوفانمان»، بأن هذا النقاش «غير مرحب به» ولا ضرورة لتنظيمه في هذا الوقت بالذات. وقد قوبل قانون حظر ارتداء النقاب في الأماكن العمومية بموجة انتقادات واسعة في كامل أنحاء أوروبا بما في ذلك مجلس أوروبا ومنظمة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، الذين يعتقدون أن القانون ينتهك حرية التعبير والدين، فيما طالب مسؤولون كبار عن الديانات الثلاث المعروفة «الإسلام، المسيحية، واليهودية» ب «إسقاط هذا النقاش لأنه يغذي العنصرية والتطرف».