أغلقت مصالح الأمن وقوات مكافحة الشغب كل المنافذ أمام الجموع الغفيرة من الأطباء المقيمين التي توجهت صبيحة أمس بعشرات المئات إلى مقر رئاسة الجمهورية من أجل رفع مطالبها مباشرة إلى القاضي الأول في البلاد، وهو الأمر الذي لم يتحقّق فتحوّلت الحركة إلى مجرّد اعتصام بشارع الشهيد «سويداني بوجمعة» غير بعيد عن «قصر المرادية»، في وقت أصدرت العدالة قرارا استعجاليا يقضي بعدم شرعية الإضراب. شهدت المسالك الرئيسية المؤدية إلى «المرادية» حيث يتواجد مقر رئاسة الجمهورية، طيلة الساعات الأولى من يوم أمس، ما يُشبه حالة طوارئ، وهو ما عكسه التواجد المكثّف لمصالح الأمن والعربات المدرّعة التي تعزّزت بدورها بأعداد كبيرة من قوات مكافحة الشغب، ويعود السب في ذلك التهافت القياسي للأطباء المقيمين الذين قدموا من مختلف ولايات الوطن استجابة لنداء النقابة من أجل المطالبة بالإسراع بحل مشاكلهم. وقد ذهبت التقديرات التي حصلت عليها «الأيام» من الأطباء المقيمين إلى أن العدد الإجمالي للمحتجين بلغ حوالي 5 آلاف معتصم، وقد وجدت قوات مكافحة الشغب صعوبة كبيرة للتحكم في الوضع على الرغم من أنها طوّقت جميع المنافذ التي قد تؤدي إلى مقر رئاسة الجمهورية الذي كان هدف هؤلاء من أجل إبلاغ الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة» بانشغالاتهم، ومن ثم نقل تذمّرهم على مصالح وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات وعلى رأسها المسؤول الأول بالقطاع «جمال ولد عباس». وبالنظر إلى أن هذه الحركة الاحتجاجية تتزامن مع الاعتصام المفتوح الذي دخل فيه مئات أعوان الحرس البلدي في «ساحة الشهداء»، إلا أن التعزيزات الأمنية حسمت الموقف ومنعت الحشود الكبيرة من الأطباء الذين ارتدوا بذلاتهم البيضاء من التقدّم والوصول إلى مبنى رئاسة الجمهورية، وإذا كان هؤلاء فشلوا في تحقيق غايتهم إلا أنهم تسبّبوا في عرقلة حركة المرور واكتفوا في المقابل برفع لافتات كتبت عليها عبارات احتجاج مثل «الأطباء المقيمين في غضب» و«جراحة الأسنان في إنعاش»، كما وصفوا «الخدمة المدنية الإجبارية» بأنها «حُقرة». وفي الوقت الذي استمر فيه اعتصام الأطباء المقيمين غير بعيد عن مبنى رئاسة الجمهورية، كانت الغرفة الاستعجالية بالمحكمة الإدارية لمحكمة «سيدي امحمد» قد أصدرت قرارا بخصوص الشكوى التي أودعتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات ضد الأطباء المقيمين المضربين منذ حوالي أسبوع، وجاء الحكم لصالح الوصاية، حيث أقرّت بعدم شرعية إضراب الأطباء المقيمين، وبموجب ذلك فقد دعت الأطباء المضربين إلى «الاستئناف الفوري للعمل». ولم يتمكن المحضر القضائي من تسليم قرار العدالة للأطباء على مستوى مختلف المستشفيات بسبب تواجد جميع ممثلي الأطباء في التجمع الاحتجاجي أمام رئاسة الجمهورية، وأكد الأطباء المقيمون أن المفاوضات التي يقودها ممثلون عنهم مع وزارة الصحة منذ حوالي أسبوع، قد وصلت إلى طريق مسدود، وأرجعوا السبب إلى رفض مصالح وزارة الصحة الاستجابة إلى مطلبهم المتمثل في إلغاء الخدمة المدنية الذي أكد الوزير على أنه لا يدخل ضمن صلاحيات الوزارة، وهو ما دفع بممثلي الأطباء إلى الانسحاب من اللجان الثلاثة المكلفة بدراسة مطالبهم.