ينتظر أن يحتضن ملعب «الشهيد حملاوي» بقسنطينة بعد غد الجمعة مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين، بين الغريمين التقليديين بمدينة الصخر العتيق، الشباب والمولودية ،نظرا لوضعية الفريقين في سلم الترتيب والتي تحتم على الناديين الظفر بالنقاط الثلاث، تزداد حماه شيئا فشيئا، لاسيما بين أنصار الفريقين الذين طالما شكلوا أجواء مميزة وسط المدينة بتعليق الرايات في جل شوارع المدينة والمعاقل الرئيسية ل"الموك" و"السنافر". ويحضّر الفريقان بطريقة عادية لهذه المقابلة حيث وعكس السنوات الماضية لم تبرمج تربصات خاصة. غير أنه ومن دون شك، فإن "الداربي" القادم بين "السنافر" و"الموك" له من العادات والتقاليد ما يجعله مميّزا طيلة الأسبوع الذي يسبق اللقاء، حيث تشهد المدينة تغيّرا جذريا من خلال ارتدائها لحلة جميلة بألوان الفريقين. كما أن أهازيج أنصار شباب قسنطينة «السنافر» من جهة وأنصار مولودية قسنطينة «الموكيست» من جهة ثانية في شوارع المدينة لا تنقطع ولا تخلو لقاءاتهم من الطرائف والقصص حول هذا اللقاء الذي يعتبر عرس المدينة الذي ينتظره الجميع مرتين في السنة. الحديث عن "الداربي" قبل أسبوعين من بين الأمور التي تميّز الداربي القسنطيني هو دخول الجميع أجواء هذا الصراع الكروي من خلال الحديث عن المباراة وعن الفريق الفائز فيها، حيث يتوعّد كل واحد الفريق الآخر بالحديث المسبق عن نتيجة عريضة مستدلا بأي لقاء في السابق كانت فيه الغلبة لفريقه، وكذلك الحديث عن التحضيرات والأجواء الحماسية في المدينة والتي تسبق اللقاء الكبير والمنتظر من طرف الجميع. أبناء العائلة الواحدة في لقاء واحد الأمر الآخر الذي يميّز هذا "الداربي" هو التواجد الكبير لمناصري الفريقين في العائلة القسنطينية الواحدة، حيث تجد أنصار «شباب قسنطينة» وأنصار «مولودية قسنطينة» وهو ما يخلق أجواء مميزة طيلة الأسبوع من خلال الحديث في البيت حول اللقاء وما سيفعله كل واحد منهم والكيفية التي سيدخل بها إلى الملعب وعمّن سيفوز في النهاية، والكثير من الأمور الأخرى التي تجعل من اللقاء فرصة للتنافس في الإطار الرياضي حتى بين أفراد العائلة الواحدة. حتى أبناء الحي الواحد يتنافسون الصراع الرياضي الكبير الذي نجده بين أنصار الفريقين بملعب الشهيد «حملاوي»، يبدأ كما قلنا من العائلة الواحدة ويتدرج إلى أبناء الحي الواحد الذين يشجع كل واحد منهم فريقه الخاص، كما أن الحديث عن هذه المباراة وعن الفائز بها يبدأ منذ أكثر من أسبوع، وتنطلق التحضيرات الخاصة ب"الداربي" من هذه الأحياء الشعبية وحتى الأحياء السكنية وذلك من خلال شراء الأعلام والرايات العملاقة التي يزين بها يوم اللقاء الملعب. الرايات العملاقة تُمثل أحياء "السنافر" بما أن «شباب قسنطينة» هو الفريق الذي يملك أكبر عدد من الأنصار في مدينة قسنطينة، فإن "السنافر" يبدؤون التحضيرات ل"الداربي" مسبقا من خلال إنجاز الرايات العملاقة التي توضع يوم اللقاء بملعب الشهيد «حملاوي». ويكون التحضير قبل أسبوعين على الأقل عن موعد اللقاء الهام الذي ينتظره الجميع حيث تنطلق الأشغال من خلال جلب القماش والدهان والكثير من الأمور التي تدخل في انجاز الراية، وكتابة الشعار الذي يوجد بداخلها واختيار الألوان كما أن الراية يجب أن تكون جاهزة قبل "الداربي" بأكثر من أربعة أيام. ..يتم عرضها في شوارع المدينة مباشرة بعد الانتهاء منها تعلق هذه الرايات العملاقة في المدينة حتى يراها المارة في طريقهم، ويعتبر وضعها بطريقة استعراضية نوعا من الفخر الذي يشعر به أنصار الأحياء الشعبية تجاه أنصار الأحياء الأخرى خاصة أن المنافسة تبدأ دائما مبكرا. وبعد أن توضع جميع الرايات العملاقة في المدينة تأخذ الشوارع الكبيرة لقسنطينة تلك الحلة الجميلة بألوان الفريقين، خاصة الأخضر والأسود الذي غالبا ما يطغى على المدينة. الالتقاء يوم المباراة في الملعب بعد أن تعلق تلك الرايات العملاقة في شوارع المدينة، فإن الكثير منها تتحرك من مكانها مقتربة من الملعب كما يحدث مع راية "حي واد الحد" مثلا الذي علقت في أول يوم في الحي نفسه قبل أن تنتقل بعدها إلى كل من حي «سيدي مبروك الأعلى» ثم الأسفل ، ومن ثمّ تتجه إلى حي "البراشمة" الذي يطل على ملعب «الشهيد حملاوي» وتنقل يوم اللقاء إلى المدرجات غير المغطاة أين يتم عرضها أمام الجميع، وهو ما يحدث بالنسبة لبقية الرايات العملاقة التي يتم نقلها من حي لآخر وإلى غاية الوصول إلى الملعب يوم اللقاء حيث تكون كل الرايات قد وصلت هناك. الرايات تنشر في ساحة الملعب ويتم نشر هذه الرايات العملاقة في الساحة الكبيرة التي توجد بالقرب من «مركب الشهيد حملاوي» من أجل الاتفاق على الأماكن التي توضع فيها داخل الملعب ثم يتم تعليقها بعد ذلك على السياج الكبير للمدرجات التي تأخذ المدرجات حلتها الجديدة بألوان الفريقين. كما أن تعليق الرايات العملاقة يجب أن يتم قبل الساعة العاشرة صباحا، وهو الموعد المتفق عليه منذ سنوات طويلة ويجب ألا يتخلف أيّا كان عنه وإلا فإن راية ذلك الحي يتم إلغاؤها وتعلق مكانها رايات أخرى. كل المدينة تغلق يوم اللقاء الأمر الآخر الذي يميز مدينة قسنطينة يوم "الداربي" هو أن كل المحلات تغلق يوم اللقاء، لأن لا أحد قد يفكر في العمل، خاصة أن يوم الجمعة يوم راحة والكل يستعد لأداء صلاة الجمعة التي يتم التحضير لها من خلال التطهر والتوجه إلى المساجد ومن ثمّ التوجه إلى الملعب مباشرة بعد ذلك من أجل الدخول إلى المدرجات واختيار مكان جيد من أجل مشاهدة "الداربي" الواعد.