قرّر الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، «عبد الحميد مهري»، المشاركة رسميا في المشاورات حول المشاورات السياسية بخلاف ما كان قد أشيع بشأن مقاطعته دعوة الهيئة التي يشرف عليها «عبد القادر بن «صالح». يأتي هذا القبول رغم إعلان «مهري» تحفظاته حول بعض الجوانب المتعلقة بعمل هذه الهيئة دون أن يأتي على ذكرها. جاء قرار الأمين العام الأسبق وأحد الشخصيات الوطنية البارزة المشاركة في المشاورات السياسية في رسالة بعث بها أمس إلى «عبد القادر بن صالح»، حيث ورد في مضمونها قوله: «تلقيت بكل اهتمام دعوتكم للمساهمة في النقاش المتعلق بالإصلاحات السياسية المصيرية بالنسبة لمستقبل بلادنا، بموجب التكليف الذي أعلن عنه في بيان رئاسة الجمهورية بتاريخ 15 ماي 2011». ورغم تعامله الإيجابي مع الدعوة التي تلقاها، فإن «عبد الحميد مهري» استدرك وسجل بعض الملاحظات العابرة عندما أكد في الرسالة المقتضبة التي اطلعت «الأيام» على تفاصيلها أنه «ومع تقديري للمهمة التي كلفتم بها، وتحفظاتي على بعض جوانبها، فإني أعتقد أن لقائي معكم ومع مساعديكم سيكون مناسبة للإسهام في هذا النقاش بتفصيل مضمون الرسالة المفتوحة التي كنت وجهتها لفخامة الأخ عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الجمهورية، والمتعلقة بموضوع الإصلاحات وبمطلب التغيير الذي ينتظره الشعب الجزائري، كما اجتهدت في قراءته وفهمه». كما لم يُخف من هذا الجانب طموحه في أن تلتقي حول هذه الإصلاحات «جميع الإرادات الحسنة في كنف السلم والاطمئنان لمستقبل البلاد والعباد». وإذا كان «مهري» لم يُعلم بعد بموعد قدومه إلى مبنى رئاسة الجمهورية لمناقشة ملفات الإصلاح التي ضمنها في راسلته التي بعث بها إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 16 فيفري 2001، فإن مصدر موثوقا أفاد أن هيئة المشاورات استدعته بوصفه «شخصية وطنية» للحضور بعد ظهر يوم غد الأحد. وتتضمن مبادرة «عبد الحميد مهري» التي أطلقها في رسالته إلى الرئيس «بوتفليقة»، ثلاثة محاور أساسية للشروع في التغيير السلمي، أولها هو شرط التعجيل برفع القيود التي تحول دون حرية التعبير أو تحد منها، وتوفير الظروف الملائمة لتمكين التنظيمات والمبادرات الاجتماعية لشباب الأمة وطلبتها وإطاراتها ونخبها، في مختلف القطاعات والاختصاصات والمستويات، من ممارسة حقهم الطبيعي والدستوري في التعبير، بجميع الوسائل والطرق القانونية، عن مآخذهم ومطامحهم وآرائهم واقتراحاتهم. ويتحدّد المحور الثاني في المبادرة في تنظيم ملتقيات للحوار في مختلف المستويات ومن مختلف التيارات الفكرية والسياسية التي تنبذ العنف والإقصاء للبحث عن القواسم المشتركة التي يمكن أن تلتقي عندها الإرادات والجهود لإنجاح التغيير السلمي المنشود، مع تنصيب أفواج تضم مختصين وخبراء لتقييم موضوعي لما أنجز في كل قطاع منذ الاستقلال وتحديد نقاط القوة والضعف ورسم آفاق تطويره مستقبلا، إلى جانب إنشاء «وداديات التضامن ضد الفساد والرشوة» تكون مهمتها إقامة سد في وجه انتشار الفساد. أما المحور الثالث فيتمثل في مد جسور التشاور والحوار، على أوسع نطاق، مع القوى السياسية قصد التحضير لانعقاد مؤتمر وطني جامع مهمته تقييم شامل لنظام الحكم وممارساته في مراحله المختلفة منذ الاستقلال، وتحديد المهام والوسائل والمراحل الكفيلة بإرساء دعائم الحكم الديمقراطي ودولة القانون، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخراج البلاد، نهائيا، من دوامة العنف التي تعصف بها منذ عشرين سنة. وفي اعتقاد الأمين العام الأسبق للحزب العتيد حيث فإن الأزمة التي ما زالت إفرازاتها تطغى على الساحة السياسية «هي محصلة الأخطاء التي ارتكبتها بعض الحركات الإسلامية وأخطاء سلطات الدولة في معالجتها»، ومن وجهة نظره «لا يمكن علاج الأزمة بمعالجة نصفها وتناسي النصف الثاني». وهو يقترح لمهام المؤتمر الوطني الاتفاق على أرضية وطنية تبلور التوجهات الكبرى لآفاق التنمية الوطنية الشاملة، وإعداد البلاد لمواجهة التحديات التي تمليها المتغيرات العالمية، والاتفاق على أرضية وطنية توضح ثوابت السياسة الخارجية وخطوطها العريضة.