التزم الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، «عبد المجيد سيدي السعيد»، ب «بذل كل الجهود» من أجل تنفيذ مطالب عمال المنطقة الصناعية للرويبة الذين اعتصموا أمس بالآلاف أمام مقر المركزية النقابية بالعاصمة، وهو التجمّع العمالي الذي انتهى إلى إمهال السلطات الوصية فترة عشرة أيام لتجسيد انشغالاتهم التي تركّزت أساسا بإيفاد لجنة تحقيق عاجلة مع إنهاء مهام كل المسؤولين الذين وصلوا أو تجاوزا سن التقاعد. نفذ عمال المنطقة الصناعية بالرويبة تهديدهم بالاعتصام أمام مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين، حيث كان التجاوب كبيرا بدليل أن الساحة الرئيسية ل«دار الشعب» اكتظت عن آخرها منذ الساعات الأولى، واللافت أن هذا الاعتصام لاقى تجاوبا نوعيا من قيادة المركزية النقابية تجسّد بحضور الأمين الوطني والرجل القوي في الاتحاد «صالح جنوحات» الذي عبّر عن تضامنه مع اللائحة المطلبية. وبلغ التجمّع العمالي ذروته في حدود الساعة العاشرة صباحا عندما تعالت الأهازيج والشعارات التي تطالب برحيل المسؤولين الذين وصلوا سن التقاعد ومحاسبة عدد منهم، وكانت اللافتات المرفوعة والشعارات التي تمّ اختيارها أكثر تعبيرا عن استياء هؤلاء من وضعيتهم المهنية والاجتماعية، حيث كان أبرزها على الإطلاق لافتة كبيرة كتب فيها: «زنقة زنقة ودار دار حتى يرحل الحقار». وذهبت تقديرات النقابيين بخصوص عدد العمال الذين استجابوا للدعوة قادمين من المنطقة الصناعية بالرويبة والذين يُمثلون إجمالا 80 مؤسسة اقتصادية، إلى أنه تراوح بين 3 آلاف و500 و4 آلاف و500 محتج، ورغم كثرة العدد فإن الاحتجاج عرف تنظيما محكما بدليل أنه لم يخرج عن سلميته ولم يعرف أية مواجهات مع مصالح الأمن التي حضرت بقوة إلى عين المكان وحرصت فقط على تطويق كل مخارج ومداخل «دار الشعب عبد الحق بن حمودة». وإلى جانب الهتافات التي غيّرت السكون الذي اعتادت عليه ساحة «أول ماي» وسط العاصمة، فقد تداول على إلقاء الكلمة لمخاطبة العمال المحتجين كل من الأمين العام للاتحاد الولائي للعاصمة، «صالح جنوحات»، وهو عضو قيادي بالاتحاد العام للعمال الجزائريين، إضافة إلى الأمين العام للاتحاد المحلي للمنطقة الصناعية بالرويبة، «مسعودي مقداد»، وكذا الأمين العام لنقابة المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية، «بلمولود أمزيان». وتقاطعت تصريحات هؤلاء المسؤولين النقابيين في التأكيد على أن احتجاج العمال هذه المرة لا يتعلق بمطلب رفع الأجور بل ب«الحقرة وسوء التسيير ورفض التمثيل النقابي» على مستوى المؤسسات، وهنا جاء على لسان «جنوحات»: «اليوم لم نأت كي نتحدث على الأجور والمنح بل جئنا لنتحدث حول عدم تطبيق القوانين وسوء التسيير»، ليتابع حديثه: «هناك مُسيرون في القطاع العام متعسفون وهناك في القطاع الخاص من يرفض التمثيل النقابي ويلجأون إلى طرد العمال بالرغم من كوننا دافعنا عليهم ورافعنا من أجل تخفيض الضرائب ودعمهم بهدف توفير مناصب الشغل». وأكثر من ذلك فإن «صالح جنوحات» أكد أن المركزية النقابية «ترفض أن يتم استغلال عمال المنطقة الصناعية بالرويبة» باعتبارهم «العمود الفقري له»، وهو ما وافقه فيه الأمين العام للاتحاد المحلي، «مسعودي مقداد»، كونه رافع لصالح إيفاد لجنة تحقيق للنظر في «التجاوزات المُسجلة على مستوى المؤسسات» ومُحاسبة المسؤولين، زيادة على تمسّكه بمطلب رحيل المتقاعدين وفتح المجال أمام الشباب، متحدثا عن الكثير من المشاكل التي يتعرض لها العمال وحالات الطرد. أما الأمين العام لنقابة المؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية، «بلمولود أمزيان»، فقد لفت إلى أن النقابات قادرة على جلب 25 ألف عامل إلى أمام المركزية النقابية لكنها اكتفت بالعدد القليل في انتظار رد السلطات. وتمّ بعد ذلك نقل المطالب إلى الأمين العام للمركزية النقابية، «عبد المجيد سيدي السعيد»، الذي بادر إلى استقبال الوفد بحضور الصحافة الوطنية والتزم أمامها بالعمل على إيجاد الحلول في أقرب الآجال، مثلما أعلن عن استعداد وزير الصناعة، «محمد بن مرادي»، استقبال ممثلي العمال بحضور ممثل عن وزارة العمل والتشغيل. وعقب هذا اللقاء خرج الوفد الممثل لعمال المنطقة الصناعية بالرويبة من مكتب «سيدي السعيد» حيث أبلغ الأمين العام للاتحاد المحلي المعتصمين بالنتائج المتوصل إليها، وعلى إثر ذلك حصل الاتفاق على منح مهلة 10 أيام للسلطات من أجل تحقيق المطالب أو العودة إلى تصعيد الاحتجاج، علما أن المسؤولين عن الاحتجاج ألغوا مسيرة كانت مقررة إلى أمام مقر وزارة العمل وأخرى إلى أمام مقر وزارة الصناعة وذلك بسبب التعزيزات الأمنية المُكثفة التي شهدتها المنطقة المُحيطة بدار الشعب عبد الحق بن حمودة منذ الفترة الصباحية.