كان للقاء الأدبي الذي نظمه منتدى الكلمة بقاعة الأطلس احتفاء بالروائية هاجر قويدري نكهته المميزة، خاصة بعد الأصداء الإيجابية و التجاوب الجماهيري الجميل عقب تتويجها بجائزة الطيب صالح العالمية للرواية العربية بالسودان عن روايتها الموسومة “نورس باشا.. فرغم المنافسة المحتدمة التي شاركت فيها قامات أدبية لها وزنها العربي، ورغم الهيمنة المصرية و مشاركة أكثر من مائتي كاتب، استطاعت هاجر قويدري ابنة الجزائر العميقة وبالأخص ابنة المدينة الساحرة بطبيعتها الخلابة و آثارها العتيقة “تيبازة” أن تفتك المرتبة الثانية عن جدارة واستحقاق، وتناولت هذه الرواية فترة هامة من تاريخنا و هي الفترة العثمانية المعروفة بشحّ الكتابات التي تناولتها، وهكذا رفعت هاجر التحدي لتكون سبّاقة من خلال كتاباتها لاكتشاف خبايا هذه المرحلة و الغوص في عوالمها العتيقة ونقلها للقارئ بحلة إبداعية، وما يميز هذه الرواية التي حظيت بالتتويج أنّ أحداثها مستقاة من الواقع وتجسّد الخصوصية الجزائرية في أرقى معانيها لإيصالها للآخر من خلال استعمال معلم القصبة والتركيز على العمق الذي يحتويه من دلالات، وكذا استعمالها لأسماء جزائرية محضة كمزيان وحمدان والعبزوزي وضاوية هذه الأخيرة هي بطلة الرواية التي تجسد دور امرأة جزائرية نزحت من المدية إلى القصبة بعد أن قست عليها الحياة وفشلت في زيجاتها الثلاث.. الرواية ستنشر على نفقة مؤسسة الطيب صالح للإبداع الكتابي، ورواية “نورس باشا” تعتبر الثالثة في رصيد الروائية هاجر بعد رواية “كليك” و”أدعى أورنجو” التي فازت بها بجائزة علي معاشي للكتاب والشباب. وهي رواية غرائبية بطلها أورنجو وهو ملك الإنصات يعيش رفقة المجنون “الحسن بن إسماعيل” فيصاب بالجنون مثله، و هي قصة يدور زمانها في ستينيات القرن الماضي أي مباشرة بعد الاستقلال.. وعن انطباعها وطموحاتها المستقبلية أكدت الإعلامية والرّوائية «هاجر قويدري» في حديثها مع «الأيام» اعتزازها بالتتويج ورغبتها في المضي قدما؛ قائلة:: ” إنّ هذه الجائزة عززت ثقتي بنفسي وأشعرتني بعظم المسؤولية وضرورة الالتزام أكثر والوفاء الدائم والمستمر للقارئ من خلال إصدار على الأقل رواية كل سنتين، وفي كلّ رواية سأنقل حقائق تاريخية وأغرف ما استطعت من تاريخنا وتراثنا الثري عبر مختلف مراحله وإيصالها للقارئ في مشهد فيه من المتعة والفرجة والإبداع والاحترافية ما يفتح شهيته لقراءة تاريخه بطريقة مثيرة ولذيذة، فقد أبهرني وأسعدني كثيرا الالتفاف الجماهيري والتجاوب الكبير الذي تلقيته من الشعب الجزائري بكافة فئاته وهذا ما سيحفزني على العطاء أكثر، فالجوائز بريق و يمضي لكن الروائي و أعماله المتقمّصة للآخر هي من سيستمر” . تجدر الإشارة إلى أنّ هاجر قويدري بالإضافة إلى أنّها روائية وإعلامية هي أكاديمية أي أستاذة بالمدرسة العليا للصحافة متحصّلة على شهادة الماجستير وهي تحضّر للدكتوراه في التحرير الإلكتروني و إدارة مضامينه، بداياتها مع الكتابة كانت في مجال الشعر، أما إعلاميا فاقتحمت الحقل الإعلامي العام 2000 بدءا بالصحافة المكتوبة ثمّ العمل الإذاعي الذي تألقت فيه من خلال حصتها “ممرات إلى عالم الأنترنت” وكذا العمل التلفزيوني الذي دام سبع سنوات لتتخلى عن منصبها فيما بعد حتى تتفرغ للعمل الأكاديمي، لديها تجربة أيضا في كتابة سيناريو الأفلام الوثائقية منها الفيلم الوثائقي عن الولي الصالح “سيدي بومدين” بالإضافة إلى الأعمال الوثائقية الخاصة بالذكرى الخمسين لعيد الاستقلال حيث سلطت الضوء على عديد الشخصيات الثورية والمدن الجزائرية ومنها منطقة تيزي وزو.