يعود عمال البلديات إلى الإضراب المفتوح ابتداء من اليوم وإلى غاية الأربعاء على أن يتجدّد بشكل أسبوعي، في حال واصلت السلطات العمومية ممثلة في وزارة الداخلية «تجاهل» مطالب الفيدرالية التي تُمثّل هذه الفئة التي تتحدّد بالأساس في إعادة النظر في القانون الأساسي ونظام العلاوات والمنح وكذا مراجعة القوانين الخاصة بالأسلاك المشتركة مع الإبقاء على التقاعد دون شرط السن. دافع رئيس الفيدرالية الوطنية لعمال قطاع البلديات، «علي بوطبلة»، عن خيار العودة إلى الإضراب معتبرا أنه من حق هذه الشريحة المطالبة بحقوقها في إطار ما يكفله القانون، مرجعا قرار شلّ البلديات لثلاثة أيام في الأسبوع إلى ما وصفه ب «الصمت» الذي يلازم السلطات العمومية التي تمّ إبلاغها بالأمر، وأكثر ما أثار استغرابه هو أن مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية لم تُعر أي اهتمام إلى سلسلة الإضرابات التي شنتها الفيدرالية في وقت سابق. وعلى إثر ذلك أوضح «بوطبلة» في تصريح صحفي أمس أنه «بناء على هذه المعطيات فإننا قررنا هذه المرة شنّ إضراب مفتوح لغاية تحقيق مطالبنا على أن يكون ثلاثة أيام كل أسبوع»، مجدّدا التأكيد على أنه من حق هذه الفئة من العمال المُطالبة بحقها مثلها مثل الفئات النشطة في القطاعات الأخرى التي قال إنها حققت امتيازات هامة في مجال الأجور، وواصل كلامه بلغة التهديد: «هذه المرة لن نتراجع وسنُصعد الاحتجاج بحيث قرّرنا عقد المجلس الوطني للفيدرالية يوم الجمعة المقبل للفصل في طريقة التصعيد». ولم يتوان رئيس فيدرالية عمال البلديات المنضوية تحت لواء النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية «سناباب»، في التذكير بالموقف التي اتخذته نقابته عشية الانتخابات التشريعية الأخيرة بحيث تمّ تجميد الاحتجاجات إلى غاية تنظيم الاقتراع، مضيفا بأن «السلطات لم تُعط لهذا الموقف حق قدره». ويأتي إضراب عمال البلديات ليُحرك من جديد الجبهة الاجتماعية التي شهدت الأيام الأخيرة نوعا من الهدوء النسبي وذلك بعدما توقفت الاحتجاجات التي شهدتها بعض القطاعات الحساسة على رأسها قطاعي الصحة والتربية. ومن خلال المعطيات التي أعلن عنها «علي بوطبلة» فإن أكثر من 500 ألف عامل بلدي معنيون بإضراب الثلاثة أيام، موضحا أن القانون الأساسي الذي أصدرته الوصاية لم يتضمن مقترحات الطرف الاجتماعي وعليه بقيت أجور عمال البلديات الأقل مقارنة بالقطاعات الأخرى في الوظيفة العمومية، وهو ما يجعل هؤلاء يعيشون حالة من التذمر والغليان اليومي، لاسيما مع غلاء المعيشة جراء الارتفاع المتواصل لمختلف أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية. وبالعودة إلى أرضية المطالب التي يُناضل من أجلها عمال البلديات فإنها تشمل رفع النقطة الاستدلالية، إعادة إدماج العمال المتعاقدين في مناصبهم، مراجعة القانون الأساسي الخاص ونظام المنح والعلاوات وإعادة النظر كذلك في القوانين الخاصة بعمال الأسلاك المُشتركة والعمال المهنيين بما فيهم الحجاب، السائقين، الحراس، ناهيك عن ضرورة الإبقاء على نظام التقاعد دون شرط السن وإشراك الطرف الاجتماعي في كل الخطوات الخاصة بإعداد كافة القوانين مع إلغاء المادة 87 مُكرر من أجل إعطاء دفع لمستوى أجور هذا القطاع. ويُعتبر التقاعد دون شرط السن من بين أهم الانشغالات التي رفعتها فيدرالية عمال البلديات لوزارة الداخلية، بالنظر إلى عددهم الإجمالي 25 ألف عامل، وكذا إلى طول فترة التعاقد التي تجاوزت بالنسبة للكثير منهم العشر سنوات، فضلا عن الملف المتعلق بالشبكة الاجتماعية وتشغيل الشباب، إذ يطالب المستفيدون من هذين الصيغتين بإدماجهم في مناصبهم بعد حصولهم على تجربة بلغت 15 عاما بالنسبة لعدد معتبر منهم، رافضين أن يتم تخصيص المناصب التي يتم فتحها في كل مرة لمن لا تجربة لديه. وعموما فإن هذه النقابة انتقدت الطريقة التي أعدت بها الوزارة الوصية القانون الأساسي لعمال البلديات، الذي تجاهل حسبها معاجلة الوضعية المزرية للأغلبية الساحقة لعمال هذا السلك، والتي تتشكل أساسا من السائقين والحجاب والحراس وعمال الورشات وكذا العمال المهنيين، الذين ترى الفيدرالية بأنهم استفادوا من زيادات شكلية في الأجور، لم تمكنهم من مواجهة الارتفاع الفاحش لأسعار المواد الأساسية وكذا تدهور القدرة الشرائية. زهير آيت سعادة * شارك: * Email * Print