اختتمت الجمعية الثقافية السراب لمدينة بودواو ولاية بومرداس أجواء المنافسة على طريقتها بتقديم مسرحية “حرب الغرائز”، لتكون بذلك الفرقة التي تقدم العرض الأخير من تصفيات المهرجان الوطني لمسرح الهواة الذي اشتدت فيه حدة المنافسة على مدار أسبوع كامل، حيث توافد على القاعة الزرقاء بدار الثقافة عبد الرحمان كاكي بمستغانم جمهور غفير لمشاهدة العرض الشيّق الذي أبدع في تجسيده على الخشبة الثنائي بن هلال منال و قندوز محمد لامين. هذا العرض من تأليف بن هلال منال و إخراج زناقي جمال أمّا السينوغرافيا فكانت من توقيع غالم فريد و الديكور لحميد تواتي، فيما كان دنداني يوسف الريجسور و المشرف على الإضاءة، الأكسسوار لقاصد عزيز، الموسيقى و التسجيل الصوتي لسليم بن بوعبد الله والإشراف التقني لعماري حليم، و قد كانت خشبة المسرح على مدار الساعة من الزمن حلبة صراع بين الخير و الشر و بين الرذيلة والفضيلة، حيث كانت مسرحية “حرب الغرائز” ذات أبعاد فلسفية بحتة تحمل في ثناياها صراعات في مختلف مناحي الحياة اليومية والتي توارثتها الأجيال، و قد بدا الثنائي محمد لامين و منال منسجمين جدا على ركح المسرح حيث استطاعا أن يجسدا ببراعة دور شاب و شابة من هذا العصر المدجّج بالآفات الإجتماعية و الأمراض النفسية التي أفرزتها العولمة و الوسائل العصرية التي ولّدت تصرفات هجينة و دخيلة عن مجتمعنا، حيث تطرقت المسرحية لعدة مواضيع هي مستقاة من الواقع كموضوع اللقيطة و الفتاة التي تفقد شرفها و الحرقة…إلخ، لقد جعلت هذه المسرحية الجمهور يعيش شخصياتها التي تتغير من موضوع لآخر و ينفعل معها متأثرا بأحداثها التي يعيشها في يومياته، حتى أنّه في أحيان كثيرة يجد نفسه في إحدى الشخصيات التي تجعله يتصارع مع ألمه الدفين، إذ استطاعت الخشبة أن تحاكيه و تلج لدواخله و تجعله يشعر بالندم و يعتبر نفسه مسئولا عن خطأ كانت الغريزة مصدره كغريزة الإنتقام التي تسكن اللقيط و غريزة المسؤولية التي تسكن الرجل و غريزة الأمومة التي تسكن الأم و غريزة الترف التي تسكن المراهق. و قد حدثتنا كاتبة النص و مؤدية الدور الرئيسي منال بن هلال عن دورها: “لدي ستة سنوات من الوقوف على الخشبة أديت عدة أدوار من خلال عملي مع عدة فرق بالجزائر و قسنطينة و سدراتة و حاليا أنا مع فرقة السراب لبودواو، و بالنسبة لمهرجان الهواة لمستغانم فقد شاركت في دوراته السابقة لكن بأدوار ثانوية، و مشاركتي في طبعته 45 بمسرحية حرب الغرائز التي ننقل من خلالها الواقع كما هو، حيث هناك أمور نفسية تتحكم فينا و هي لاإرادية و على المجتمع ألا تكون أحكامه مسبقة و قاسية، عليه أن يتفهم الآخر و يعطي للمخطئ فرصة للتوبة و الرجوع لضالة الصواب باستخدام العقل الذي نفرق به بين الحق و الباطل و بين الخطأ و الصواب، و قد استغرقت حوالي سنة لكتابة هذا النص الذي بحثت لإنجازه في كتب علم النفس و استشرت المحللين النفسانيين، كما كتبت كلمات الأغاني التي أديتها في المسرحية و وضعت كذلك ألحانها و صممت الرقصات الكوريغرافية، و بالنسبة للفرقة التي أنتمي إليها “سراب” فقد تكونت في مارس 2012 و هي أوّل تجربة لها في المسرح إذ تدربنا عليها 18 يوم فقط قبل المشاركة في التصفيات التي اخترنا من خلالها و كنا من بين الفرق 12 المؤهلة، و هذا العرض يعد ثالث عرض للمسرحية بعد العرض الشرفي و كذا العرض الذي قدمناه في ولاية قالمة، لذا فهذا المهرجان بالفعل فرصة ثمينة للهواة يفتح للشباب الهاوي أبواب المنافسة الشريفة و يمنحهم فرصة المشاركة بأعمالهم و تقييمها و يزرع فيهم الإرادة و حب العمل و الإبداع أكثر للوصول إلى المبتغى، فعلى السلطات الوصية تشجيع المسرح الهاوي لأنّة الأقرب للمجتمع يسلط الضوء على مشاكله و الهموم التي تترصده، إذن فمسرحية حرب الغرائز كانت دعوة مباشرة إلى التفاهم و عدم التجادل و ضرورة العمل على تحويل الصراع اللاإرادي الذي يسكن النفس البشرية إلى طاقة إيجابية من شأنها تحرير الإنسان من شتى الأمراض النفسية، و مواجهة كلّ مشكل بعقلانية و حكمة مع بقاء الأمل مستمرا لتغيير الذات دائما نحو الأحسن”. نسيمة. ش شارك: * Email * Print * Facebook * * Twitter