بقلم: رابح فيلالي / الجزائر على مسافة قلب ولدت أنا.. قلب أمي كان مجروحا عمرا كاملا ..ومات أبي وهو يحلم بطفلة تنام على ركبتيه في نهاية المساء تجر عصاه من وراءه وتتولى العناية ببرنوسه الصوفي . كان رجلا يخبؤ لك كثيرا من الحلوى في جيوبه الكثيرة ..لم تخلو يوما من حلوى تخصك وحدك ..رحل ذلك الرجل الصامت كثيرا والمتحدث في معان حدوثه ..رحل وهو يحبك على حلم أنك ستاتي يا صغيرتي .. هل تعرفين أن وراءك تاريخا من العمات الشهيدات والجدة المكافحة في أعالي الجبال والغابات ... أنت يا صغيرتي سليلة تلك العظيمات . عماتك “الزهرة" “صفية" فاطمة الزهراء" و"وناسة “...أنت سليلة هؤلاء الشهيدات في رحلة الكرامة والبحث عن جزائر الجميلات. صغيرة أنت جدا ياصغيرتي عما أقول لك من كلمات ..تكبرين أنت على مرأى من قلبي يرقص لك طربا لكل تفصيل من تفاصيلك الصغيرة البهية وتحيلني إبتسامة الطفلة فيك إلى إبتسامة رسمها في قلبي والدي يوما وهو ينتظرك على قارعة الحلم تأتين محملة بأغنية لقلبه الذي عبرته الأحزان جميعا وأختارت أن تقيم فيه الإقامة الأبدية . تأتين وأراك وألامس خديك واتشمم عطر العمات الراحلات فيك وأجدك مدهشة الحدوث و أنت أنثى تتسلل إلى القلب سريعا ... كل شي فيك كان معطرا بذلك الخلود الذي يقيم في جداتك الراحلات عن الأرض رحيلا قسريا لأجل وطن وقضية وقصة كرامة . أنت الآن في عيني هن جميعا في عيني ..لم تكتحل عيناي برؤيتهن يوما ...بعضهن لا أعرف لهن قبرا يزار لكنك الآن أنت هن جميعا وأكثر .. لم أكن أعرف يا صغيرتي أن لقلبي قلبا إلا وأنا أتوسد دراعك الصغيرة في مساء صنع لقلبي هوية ووطنا وأعدت فيه إنجاب القصة الشخصية ياه ما أجملك من طفلة حدثت حبا من أول القصة ياه كم أنت جميلة اليوم وأنت ترتبين حقيبة يدك وترمين بإبتسامتك في كل إتجاه ويتلقفها قلبي في كل حين ...كل المدينة هي فرحك وكل الذكرى تعود لتغزو القلب سريعا وبعنف الحياة المقيم في عينيك ..عميقة المعنى أنت في القلب وكبيرة هي ذكرى العمات اللواتي صنعن الحياة في ذاكرتي وإنصرفن للاقامة الى جوار الله الإعلى لكنك أنت الآن هنا .. من بعدهن بل وكلهن أنت يا صغيرتي حبيبة أنت بانتاك بدهشة القصائد التي لا زلت أحاول كتابتها فيك أيتها الطفلة الرائعة من أي الأكوان تأتين باختلافك وتصنعين روحك البهية ..من أي السموات يقيم البريق في عينيك وأنت طفلة الغوايات جميعها لقلبي ... هل كان هذا القلب يعرف أنه سوف ينشطر إلى قلبين قبل حدوثك أنت قلبا ومنحة من الله لي في رحلة العمر المتآكل على جدران الإغترابات المتكاثرة الميلاد ... جميلة هي الإبتسامة منك والدفق الذي يحدث حياة في كلماتك في عامك الثامن أخالك الآن تحملين ثمانين عاما من الحزن والغربة في جدران بيتنا الطوبي في أعالي جبال الشمال القسنطيني أو في بيتنا الإسمنتي في قلب المدينة تلك ..أنت لا تعرفين ذلك الجبل حيث ينام أجدادك وأعمامك وعماتك وحيث ينام جزء عظيم من تاريخ وطنك البعيد عن هنا وعن موطن ميلادك يا صغيرتي ثمانية أعوام يا صغيرتي ..لماذا لا تكبرين بسرعة الريح مثلا حتى أقول لك قصة الوجع فينا ..حتى ألبسك الفستان الأحلى في المدينة حتى أعطرك بأجمل المسك المتاح في كل المعمورة ..حتى أراك قصيدة أعجز عن قول الشعر فيها ..حتى أغنيك أغنية تحدث الإعجاز الرباني في مشاعر الكون والمدينة والإحساس بالخليقة ثمانية يا صغيرتي ولا زلنا نحلم يوما أن نقف سوية على رأس قبر ذلك الجد العظيم الذي أعطانا الحياة وعلمنا فن العيش لأجل الإنسان والقضية ثمانية يا صغيرتي ولا أزال أراك دوما رضيعة بهية تسأل الأشياء الصغيرة دوما وتنسى أن تسألني عن أشيائي الكبيرة ثمانية يا صغيرتي .لك كل الأعمار يا كل العمر ..لك الحب يا كل الحب وكل العمر وانت قلبي الذي يقيم في قلبي ..كل العمر وأنت صغيرتي.