لا يخفى على مسلم أن الصلاة هي عمود الإسلام وأن تركها كفر أو قريب منه لقوله عليه الصلاة والسلام "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر"، فالذي لا يصلي كافر كفرا مخرج عن ملة الإسلام أو قريب منه، كأن يعتبر كافرا كفرا عمليا فقط، ولا يسرّ ذلك بحال من الأحوال، ولا يقلّ شأن صلاة الجماعة عن أمر الصلاة بكاملها، فالتكاسل عنها صفة من صفات المنافقين، قال تعالى "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا"، وقال «ابن مسعود» رضي الله عنه "ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها أي صلاة الجماعة إلا منافق معلوم النفاق"، والله تبارك وتعالى يقول "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار"، وجاءت الأدلة الشرعية بالوعيد الشديد لمن تخلّف عن صلاة الجماعة، منها قوله تعالى "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون. خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون"، قال «سعيد بن المسيب» "كانوا يسمعون (حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح) فلا يجيبون وهم أصحاء سالمون"، وقال «كعب الأحبار» "والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعة"، وعن «أبي هريرة» عن النبي صلى الله عليه أنه قال "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"، والله تعالى أوجب صلاة الجماعة في حال الحرب، فهي تجب على المسلمين وهم مهددون بهجوم أعدائهم عليهم، فما بالك في حال السلم، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأذن للأعمى الذي لا يجد له قائداً يوصله إلى المسجد بأن يصلي في بيته، بل قال له "هل تسمع النداء؟"، قال الأعمى "نعم"، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم "فأجب"، وذهب فريق من الفقهاء إلى أن من ترك الجماعة بغير عذر لا تقبل منه صلاته في بيته لقوله صلى الله عليه وسلم "من سمع المنادي بالصلاة فلم يمنعه من اتباعه عذر لم تقبل منه الصلاة التي صلى"، قيل "وما العذر يا رسول الله؟"، قال "خوف أو مرض"، ولأجل الحث على تحقيق هذه العبادة أكّدت النصوص الشرعية أن كل خطوة يخطوها المسلم إلى المسجد يكتب له بها حسنة ويكفر عنه بها خطيئة، كما أنه يكتب له براءتان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من صلى لله أربعين يوما في جماعة، يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق".