الأيام الجزائرية ( وكالات): يعيش العالم الآن حالة من القلق والتوجس عنوانها "الطعام لكل فم" ويبحث عن بدائل مشبعة وحلولا جذرية لهذه الأزمة الإنسانية والتي مصدرها الغذاء وغلاء الأسعار، وانتشار ظاهرة الفقر التي ازدادت انتشارا في البلدان النامية منها بلدان أمريكا اللاتينية. وتشير المعطيات التي أصدرتها المنظمات الدولية ومنها منظمة الأغذية والزارعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" وبرنامج الغذاء العالمي إلى أن مليارا وعشرين مليون إنسان يعانون من الجوع في العالم منهم 53 مليونا في أمريكا اللاتينية ودول الكارايبي . ويكفي أن نعرف أن عدد الضحايا بسبب الجوع في العالم حسبما تقول "الفاو" يفوق عدد ضحايا أمراض الايدز والملاريا والسل مجتمعة، حتى ندرك مدى فداحة ما يجري ومدى عمق الأزمة وخطورتها. وهي الأزمة التي تقول "الفاو" إنها لا تحتاج أكثر من 83 مليار دولار سنويا لحلها. ويرى الخبراء أن الأزمة الاقتصادية الحالية قد تؤدي إلى ارتفاع كبير في معدلات الفقر في أمريكا اللاتينية بنسبة قد تبلغ 15 في المائة هذا العام فقط. هذا ما صرحت به رئيسة الفرع الإقليمي لبرنامج التنمية التابع للأمم المتحدة "ربيكا غرينسبان". وأعربت عن قلقها بوجه خاص، بشأن البلدان الصغيرة التي حذرت من عدم قدرتها على التعامل مع الأزمة بمثل هذا الحجم. وقالت اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي "إيكلاك" إن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية يمكن أن تتسبب في فقدان ثلاثة ملايين شخص آخر لوظائفهم في المناطق القروية وحدها في أمريكا اللاتينية. وقالت لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لدول أمريكا اللاتينية والكارييبي أن بوليفيا وفنزويلا والمكسيك والاكوادور ستتعرض لصعوبات في الميزانية هذا العام وسط الأزمة المالية العالمية، وفقا لتوقعات اللجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لدول أمريكا اللاتينية والكاريبي. وقال تقرير اللجنة أن معظم الدخل المالي لهذه الدول يأتي عبر اكتشاف وتصدير الموارد الأساسية، التي تراجعت أسعارها في السوق الدولية بسبب الأزمة المالية العالمية. وأضاف التقرير"أن مواردها "الدول" المالية غير مستقرة بسبب التذبذب الملحوظ في أسعار النفط والغاز والغذاء، التي تتراجع بصورة كبيرة في الأشهر الأخيرة". وأضاف أن الدخل الإجمالي لهذه الدول من صادرات المواد الأساسية سينخفض من 24.7 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالي عام 2008 إلى 22.3 بالمائة هذا العام. و تعاني المكسيك وكولومبيا وشيلي بصورة أكبر من غيرها من آثار الأزمة الاقتصادية. اذ ارتفعت معدلات البطالة في هذه البلدان الثلاثة بنسبة تتراوح ما بين 1 إلى 2 في المئة نقطة في شهري جانفي/ وفيفري من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتوقع محللون أن تشهد بيرو أيضا زيادة في عدد العاطلين، على الرغم من أنها لا تزال أكثر اقتصاديات أمريكا اللاتينية نشاطا. يذكر أن عدد العاطلين عن العمل في المناطق القروية في أمريكا اللاتينية يصل إلى 60 مليون شخص. وقالت غرينسبان إنه يتعين على حكومات المنطقة أن تقدم دعما ماليا لاقتصادها أو تواجه فقدان الكثير من المكاسب الاجتماعية الكثيرة التي حققتها خلال السنوات الأخيرة. وتختلف مستويات نقص الأغذية واتجاهاته اختلافا شاسعا في أمريكا اللاتينية والكاريبى. ففي أمريكا الوسطى ترتفع هذه المستويات في عدة دول، فارتفعت معدلات انتشار نقص الأغذية في كوبا، من 3 إلى 19 في المئة، فكان من نواح عدة متماثلا مع الكثير من الجزر المجاورة لها، التي شهدت زيادة في معدلات نقص الأغذية منذ 1980. ومازالت هندوراس تواجه تحديات صعبة. فالنمو الاقتصادي لم يقض على الفوارق الواسعة في الثروة والدخل. كما أن الفقر وانعدام الأمن الغذائي مازالا منتشرين، ونحو نصف السكان في هندوراس من أهل الريف. وفي المناطق الريفية من هندوراس، هناك حوالي 40 في المئة يعيشون في فقر مدقع. وكشف تقرير للمنظمة اليونيسيف "من اجل الطفولة "التابع للأمم المتحدة أن غواتيمالا هي البلد الأكثر معاناة من الفقر والعوز، وفيها اعلي نسبة من الذين يعانون من قلة الغذاء على صعيد أمريكا اللاتينية وتأتي في المرتبة الثانية على صعيد العالم. وعلى الرغم من وجود مجموعة من الأسباب الموضوعية التي تقف وراء ظواهر الفقر والجوع وانتشار الأمراض في الدول النامية إلا أن العديد من الخبراء والدارسين لهذه الظواهر يؤكدون أن الدول الغنية هي المسؤولة بشكل مباشر عن هذه المشكلات ووصولها في كثير من المناطق إلى حدود الكارثة الإنسانية، وأن المعالجات الدولية كانت وما تزال قاصرة عن التعامل مع هذه الكوارث الإنسانية السائرة في طريق الانفجار، ومن أهم الأسباب التي تدفع بهذه الأزمات باتجاه الانفجار والتي تأتي في مقدمتها الحروب، إذ كانت الدول النامية والفقيرة ولفترات طويلة ساحات حرب أهلية وأحياناً خارجية مدمرة تغذيها وتقف وراءها الدول الغنية وأطماعها في هذه الدول وخاصة في القارة الأفريقية وأمريكا الجنوبية.