استطاع أمس الجمعة الفيلم الوثائقي "حروب قذرة "Dirty wars" أن يهز المشاركين في المهرجان العالمي للسينما بالصحراء الغربية بمخيم الداخلة للاجئين الصحراويين (تندوف) من خلال الموضوع والطرح الجريء للعمليات العسكرية السرية التي تنظمها الدارة الأمريكية في بعض مناطق العالم. وقفز "حروب قذرة" بمستوى العروض حيث فرض الصمت خلال 90 دقيقة من التقصي الذي يقوم به صحفي من أجل الوصول إلى حقيقة منظمة "القيادة المشتركة للعمليات الخاصة" (JSOC) الأمريكية. ويتعقب الوثائقي بصمات هذا التنظيم السري الحكومي الذي يخضع لرئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية ويملك صلاحيات واسعة عبر كشف عملياته المتعددة في أكثر من مكان في العالم. وينطلق عمل الوثائقي الذي أنتجه الأمريكي دافيد ريكر وأخرجه مواطنه ريشارد رولي بمدينة في أفغانستان أين تنفذ إحدى الفرق العسكرية عملية غير مبررة بالهجوم على عائلة تحتفل بمولودها الجديد فتقتل بدم بارد امرأتين حاملتين ورجل. يزور الصحفي عائلة داود بمدينة غارنز الأفغانية ويتحدث مع الجد الذي يعتقد أن "الولاياتالمتحدةالأمريكية بأكملها لا تساوي أرواح أبنائه وأحفاده المفقودين", بينما تعدد الطفلة "+تامانا+ أموات عائلتها مبتسمة للكاميرا. ويأتي على لسان أحد المسؤولين الأمريكيين أن "موت أفراد عزل بلا سبب أمر مؤسف", لكن وجود العساكرالأمريكان هناك "مبرر كاف لموتهم" حيث أن"حمل السلاح أومحاولة التهجم على جندي أمريكي تعني الموت". ويكشف صحفي الاستقصاء أن "القيادة المشتركة للعمليات الخاصة" (JSOC) تأسست في 1980 لتكون الوحدة الأكثر سرية, ويلتقي احد مقاتليها الذي يعترف أن "ما حدث في غارنز الأفغانية يتكرر عشر مرات في كل ليلة". ويعترف المقاتل الأمريكي أنه لا يستطيع أن يستوعب "كيف بلغ عدد الضحايا ثلاثة آلاف في فترة وجيزة" بينما يعتبر مسؤول أمريكي آخر أن "الأمر مهول والتفاصيل مروعة" ويرفض الحديث عنها, مضيفا : "كأنه يوجد في أمريكا قانونين الواحد ظاهر والآخر خفي". يتبع الوثائقي "حروب قذرة" بصمات ال(JSOC) في أكثرمن بلاد اذ يلتقي الصحفي بالشيخ صالح بن فريد في جنوب اليمن ويغوصا في تفاصيل عملية "المعجلة" التي راح ضحيتها 46 يمنيا من قبيلة واحدة اثر قصف من بواخر حربية. ويبدو أن الفرقة الأكثر سرية كانت تبحث عن مواطنها ذو الأصول اليمنية "الأولاقي" الذي تحول سريعا من نموذج تروج له أمريكا إلى "إرهابي خطير يمكن لأمريكا أن تقتله وتستهدفه أينما كان. ويقول تعليق "حروب قذرة" أن موت بن لادن "أعطى حياة جديدة للارهاب" وهو يبرزدورال (JSOC) في تنفيذ العملية, حيث يجلس نائب قائدها في غرفة العمليات إلى جانب الرئيس أوباما بينما قائدها يديرالعملية ميدانيا. وفي مكان آخر يتحدث أحد عرابي الحرب الصوماليين عن أمريكا رافضا كشف أسرار تعامله معها فيقول "الأمريكيون أسياد الحرب, إنهم الأساتذة, الأساتذة الكبار". استخدم المخرج ريشارد رولي الصور والفيديوهات والموسيقى وانما أفلح وبشكل أفضل توظيف التعليق الذي يدفع علنا إلى إدانة السياسة الخارجية لأمريكا حيث تبدوالتقنية السينمائية معهودة وبسيطة, لكنها على قدر من الإتقان, حسب ملاحظين من المشاركين في المهرجان. يحسب لهذا الفيلم أنه عمل مختلف, حيث صرح منتجه دافيد بيكر أن في بلاده "الكثيرمن الأخبار, والقليل من الفهم للقضايا العالمية" معترفا في نفس الوقت أن "أربعين سنة من حياتي لم تمكنني من الاطلاع على القضية الصحراوية".