أعلنت المعارضة الموريتانية بالإجماع تعليق كافة أنشطتها حتى إشعار آخر، وتشكيل لجنة لمتابعة تداعيات الأحداث، وذلك فيما وصف “بادرة حُسن نية” منها تجاه رئيس الدولة محمد ولد عبد العزيز الذي يتلقى العلاج في فرنسا إثر إطلاق نار أصيب به فجر أول أمس. وأصدرت “منسقية المعارضة”، وهي هيئة تنضوي تحتها أحزاب المعارضة الرئيسية، بيانا أعلنت فيه أنها تتعاطف مع أسرة رئيس الجمهورية وتتمنى له الشفاء، مضيفة أنها كانت تنوي عقد مؤتمر صحافي أمس، للإعلان عمّا سمّته برنامجا نضاليا سلميا، مشيرة إلى أنها تفاجأت كما تفاجأ الرأي العام بخبر إصابة رئيس الدولة إصابة مباشرة بطلقات نارية، واصفة الروايات الرسمية وشبه الرسمية “بالمتضاربة وغير المقنعة”. وأكدت المنسقية في البيان الصادر عن مكتب رؤسائها “ضرورة إطلاع الشعب الموريتاني على ملابسات الحادث كاملة والحالة الصحية لرئيس الدولة”. وكان الرئيس الموريتاني وجّه كلمة للشعب الموريتاني قبيل نقله إلى فرنسا للعلاج نفى فيها أن يكون تعرّض لمحاولة اغتيال، مؤكدا أن ما جرى كان “نيرانا صديقة” أطلقها بعض أفراد الجيش عليه عن طريق الخطأ. ولا يزال الرأي العام الموريتاني مشغولا بمعرفة تفاصيل أكثر عن عملية إطلاق النار على رئيس الجمهورية، وغير مقتنع بالرواية الرسمية التي تقول إن الرصاص الذي أصاب ولد عبدالعزيز أطلقه أفراد في الجيش عن طريق الخطأ. من ناحية أخرى، يدور في موريتانيا حالياً جدل قانوني دستوري حول مَنْ يخلف رئيس الجمهورية في حالة الشغور المؤقت للمنصب، خاصة أن الدستور الموريتاني لا توجد به مادة تنص على وجود نائب للرئيس، فهناك ثغرة قانونية في الدستور حيث إنه لم ينص على من يخلف الرئيس إلا في حالة العجز التام أو “الشغور التام” للمنصب “الموت، العجز عن أداء المهام نهائيا”. وهنا يخلف الرئيس رئيس مجلس الشيوخ “المواد 34 إلى 44 من الدستور”، تأسيا بالدستور الفرنسي الذي يعتبر الدستور الموريتاني نسخة معدلة منه على غرار بعض البلدان الإفريقية المجاورة، أما العجز أو الشغور المؤقت فلم يتطرق له الدستور الموريتاني، حسب ما ذكر موقع الحصاد الإلكتروني. ويمكن للرئيس تفويض بعض صلاحياته بمرسوم للوزراء في حكومته، لكن سدّ هذه الثغرة القانونية يبقى موضوعاً مطروحاً أمام فقهاء القانون الدستوري الموريتاني حيث إنها ثغرة يثور حولها الجدل غالبا. وتم تطبيق المواد الدستورية المتعلقة بالشغور النهائي لمنصب الرئاسة بعد انقلاب الرئيس الحالي ولد عبد العزيز على الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله في 6 أوت 2008، بموجب اتفاق دكار وتولي المنصب رئيس مجلس الشيوخ الحالي با مامادو مبارى لحين إجراء الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالرئيس عبد العزيز في ثوب مدني في 4 أوت 2009.