بعد أن تجاوزنا مرحلة الحرب (الكلامية) مع مصر على خلفية الكرة، جاءت الآن مرحلة الكذب... و تصوروا كم يطرب على وقعه من ثعلب وذئب وكلب؟! ... معركة رجال ومال كلّ التحاليل التي قرأتها حول معركة ''قمامر'' الجزائرية المصرية حول ماتش كورة، يمكن وضع نقاط استفهام حولها إلاّ ذلك التحليل الذي يقول إن أصل المعركة تجارية يقودها في الخلف أرباب مال وأعمال.... وليس الشعب في الجهتين سوى رقاص ''خاوي الوفاض وزهوان البال'' ومستعد أن ينزع السروال لكي يقال عنه إنه مجنون ''بالكرة'' وقد مسه بعض الهبال! والمشكلة الآن أن الشكوك أصبحت مثل الشوك الذي تجده في كل حقل ولو زرعوه ثوما وبصلا، من شكوك عمّنا بوناطيرو حول ثقب الأوزون التي توسعت بشكل مجنون ويمكن أن تهدد حياة البشر -على حد مايقوله العلماء- وحتى الشكوك حول جدوى مرض أنف الحلوف اختصارا لأنفلونزا الخنزير. فبوناطيرو الذي يعاكسه الغلام في وزارة الأديان كل مرة يرى فيها الهلال، خالف الكل وقال إن الغرب يوظف الحكومة العلمية التي لديه ليخدم أغراضه التجارية والإقتصادية، وقد نفهم من كلامه أنه، أي الغرب، يريد أن يقول لنا إبقوا في تخلفكم ولاتبنوا مصانع تنفث سموما ودخانا.... واكتفوا للطبخ بالغاز أومما تيسر من حطب الغابات! أما المرض الخبيث الذي إيقظ معظمنا بعد أن سكروا بالكرة شهرا على الأقل وحسبوا فيه الديك حمارا والكلب فأرا، فقد أربكنا حين قال العلماء (فالعلم وليس في الدين) إن الفيروس يموت في ثواني بسبب البرد... لهذا لايصيب أحدا منكم إن هاجر إلى الأعالي في القطب الشمالي مثلا، وإذا بأقاويل أخرى من نفس الجهات تقول إن الفيروس سيهيج ويفيض كما يفيض السد العالي في وادي النيل حين يصل الجليد والبرد القارس، فينكمش الحديد وتتمدد أسعار القوارص والبرتقال! بعد أن تعرف طلبا شديدا عليها بدعوى أنها مثل الثوم والحبة السوداء، دواء لكل مرض وعلاج لكل السموم! وحتى لا أنسى ''قمامر'' التي هي مضرب الأمثال في العراك ما بين القبائل الجزائرية، منطقة حدودية مابين ولايتي الأغواط والجلفة، وهي مسرح للقتال بين عرشين حول من له الحق في التصرف فيها، خاصة إذا سقط الغيث وعادت تصلح للحرث أو الزرع. والمهم فيها أن معاهدات الصلح التي تبرم بين الجانبين بحضور السلطات المحليّة تنتهي عادة بالفشل، مثلما حدث مع مبادرة الصلح التي قامت بها الجزائر بين العراق وإيران وأدى انهيارها إلى مقتل مليون من كلا الجانبين وخسائر مادية بالملايير وآلاف المعطوبين والمترملات والمترملين! والآن كيف يمكننا أن نصدق الأشياء إن كان العالم نفسه يقول شيئا ثم يعود في اليوم الموالي ليقول عكسه وهو يستند في ذك إلى معطيات علمية؟ رغم أن العلم نسبي كالطب ومايكون صحيحا الآن، قد يصبح خاطئا بعد عشر سنوات، إلا أن مسلسل الكذب هذا الذي يدوم كل هذه المدة مهم في حد ذاته، لأنه الوحيد الذي يكسبنا التقدم، بواسطة الاحتكام للتجارب.... فما علاقة كل هذا ''بماتش كورة'' ولد ثورة خلّفت رمادا وأرمادة، أي ترسانة من الكذب؟ حلم الثيران... قبل أيام فقط، بادر كبير الكوراجية الكابتن سعدان على وزن كبير المحللين، بلفت نظر بني رعيان بأن يكفوا عن الاحتفالات الكروية..فقد طال الاحتفال بما يزيد عن اللزوم... كأن القوم بالفعل أيقظوا فروعون من نومته الأبدية وعلّموه مالم يكن يعلم من أخبار وأسماء الكرة من النجوم التي لم تكن في عهده معروفة عند القوم.... وإلا لقال لهم أنا ربها، وهي كالأنهار تجرى من تحت رجلي... وتحت رجلي المدعو زاهر غير المزهر! وعلى أية حال لم يعد الكذب من الجانب المصري بيع قاموس ''لاروس'' الفرنسي الذي نعرفه جميعا.... وأحسن نكتة في شكل كذبة تقول إن بلطاجية هاجموا مصريا ''عيل كده'' وأكلوه مرة واحدة! وهذا هو السبب الحقيقي الذي جعل ''الخواجة'' ومعهم جمهور الممثلين والراقصات يتدافعون أمام أبواب مطار الخرطوم خوفا من أن يسقطوا في أفواه البرابرة، مما أدى إلى سقوط بعضهم مثلما يسقط عدد من الحجاج عند رمي الجمرات باتجاه ''الشيطان الرجيم''، هذا كل ما ورد من أحاديث الكذب لدى الطرف المصري مختصرا وبالمفيد....فما الذي ورد عندنا، وهذا هو المهم لأنه الوحيد بإيقاظ رواد حانات الكرة من النوم! - في باب الكرة أوردت جريدة صفراء لاتنزل الأحزان ساحتيها، كما يقول شاعر شهير، لأنه ثبت بأنها لاتدفع لقاء ماتطبع - أن لاعبا دوليا من الخضر (وليس من الحمر) يسأل أمّه حتى في الأمور التقنية، وهو ما يؤهلها لكي تكون مساعدة لسعدان إن ثبت صحة الخبر بالطبع، والقبول هنا من باب التعليمة الفوقية التي صدرت للأحزاب والمنظمات والجمعيات والإدارات والبرلمان بتخصيص نسبة معينة للنسوان ولو بالتزوير من باب تزينها بالجنس اللطيف (غير الخشن) وتلطيف الجو وخلق تنافس نزيه مابين الذكور والإناث! في باب الدعاء، ورد أن أم لاعب دولي بات على أبواب التقاعد القانوني وليس المسبق لأن (سيدي السعيد ومن معه حذف أو قابل للتمديد كما يحدث مع إطارات الدولة (الفاشلين) الذين تحتاجهم أقول، ورد أن أمه كلما دعت له يسجل هدف! وهذا يفترض أنه إذا لم يسجل فإن أمه تكون قد اتخذت موقفا منه ولم تدعو له...والويل إن دعت عليه. فقد يسجل هدفا في مرماه! وبالمناسبة كم يدفع هذا اللاعب لأمه لقاء الدعاء مادام أن الفريق الذي يلعب فيه يدفع له.... ثم من يدري لعلّ أمّه إن رحلت يذكرونها ببناء زاوية عليها قبّة وربّما مئذنة عالية ''مكرا'' في السويسرين وبعض الفرنسيين الذين لايفرقون مابين مئذنتة ومنصة إطلاق صاروخ، ولو كان من النوع الذي تطلقه حماس (الفلسطينية) وتحقق به نتائج وهذا رغم أنه يثير ضحك عباس مثقوب الراس الذي بارك حتى هو بناء جدار الحديد في عهد مبارك الصنديد! في باب الكرة المسيسة، جاء على لسان السفير حجار الذي تحرسه 12 كاميرا على ضفاف النيل وعدد أكبر من ''الشاويش'' ممن يحبون مثل بعض بوليسية الطريق رشوة وبقشيش أنه تعرض لهجوم حماسي لخمسة أفراد على متن زورق مطاطي، والحمد لله أن الهجوم أحبط في الوقت المناسب... وتصوروا الآن لو أن عمنا حجار الذي مازال يمضغ الشوينفوم وهو يعوم أصيب في هذا الهجوم الانتحاري غير المسلح؟ قد تندلع حرب عالمية ثالثة مابين الجزائر ومصر يتم بموجبها إطلاق كريات الأحجار (تحية لروح حجّار) مابين البلدين البعيدين مع ترك الباب مفتوحا للاعتذار للإخوة غير (البلطاجية) في كل من تونس والجماهيرية العظمى! فهذان البلدان يكفيهما فخرا مع الطليان والإسبان أنهما يتكفلان جيدا بأحوال الحرافة على الأقل كما نسمع عن جمعياتهم في كل مرّة... تسقط دفعة في السجن! فما الذي يريد قوله زعيمنا حجار من إبراز بطولاته وعضلاته، وهو يتحدث عن الهجوم المصري (بالدبابات) ضده؟ ثمة احتمالات... ويمكن أن ينطبق على معظم المسؤولين عندنا. الاحتمال الأول أن سي عبد القادر يريد أن يلمع نفسه مثلما يلمع صباطه... فيبدو مثل بطل أكتوبر أي حرب أكتوبر التي ربح فيها المصريون والعرب أول مرّة ضد إسرائيل مع بعض التحفظ على كلمة ربح، فيحصل مثلا على وسام بطل نوفمبر ل 14 من الشهر نسبة للمقابلة المثيرة للجدل! الاحتمال الثاني: أن حجار: يجهز بطارياته وصواريخه وحتى سكاكينه لكي يحركها ضد خصومه مع قرب مؤتمر الأفلان.... والمعارك التي خاضها من هذا النوع ليست جديدة عليه... بل إن أم المعارك التي أعادت الأفلان إلى زاورة وغطاء للسلطة بعد الانقلاب العلمي ضد أمينها الأسبق عبد الحميد مهري لم تكن لتنجح لولم يضع بصماته العشرة! والسؤال المطروح فقط، هل ثمة جهة خفية تدفع لذلك ومستفيدة من الوضع كما حدث في الانقلاب العلمي الأول أم لا.... في حالة النفي، فإن حجار سيعود مكسور الوجدان لأمر الدنيا على أن يبقى فيها سفيرا فوق العادة وتحتها أيضا حتى تمون أحد الإثنين إما أم الدنيا أم الدنيا نفسها! وفي هذه الحالة، هل يعود ليعتذر عما بدر منه توجيه تهم لم يثبت الدليل القاطع أن الخمسة أرادوا بالفعل القتل، وليس دخول فناء البيت من أجل إنجاز عيطة وزيطة يحضرها حجار كعريس الدار، يرقص فيها على نخب التقارب بين الشعبين الثوريين اللذين عاشا معا حلم الثورة ويعيشان الآن حلم عهد الثيران وطاف على من طاف! هكذا تبدو معركة الكرة معركة رجال أعمال ومال.... من يكسب سوق الإعلانات ويربح من بيع القمصان الرياضية والأعلام ويحرك تجارة راكدة وسياحة ونقلا مع ''كان أنغولا ومونديال جنوب إفريقيا''، ومعها تتحرك دورة كاملة للبلاد، ينسى فيها الواحد روحه وهو يهيم في الوادي أو في بغداد المحتلة!!