قبل أن يتجدد الكلام العذب عن محاربة الفساد، كنا قد رقصنا في سالف الذكر والآوان على معزوفة أن الحجاج أخرج سيفه من غمده، لنكتشف من حجم القرابين المنحورة أن الأمر برمته لم يخرج عن دائرة النيران أو ''السيوف'' الصديقة التي أحيت حفلة تحول فيها الحجاج من قاطع للرؤوس إلى ضارب دف محترف في عرس بلا عروسة ولا ''عتريس''.. الكلام عن مباراة فاصلة بين الفساد والطهارة تجدد وتمدد، وسيف الحجاج الذي صدأ قبل أن يقطف ولو رأس قط أو قطة، تحول إلى رمح أشهرته الحكومة في خاصرة بطون يقال إنها كبيرة. ومن بوابة الترويح لطهارة اليدين حماية لضرع البقرة من الأنفلونزا المتفشية، فإن السلطة تذكرت بعد جفاف ''الضرع'' والإنسان، أن هناك مفسدين وفاسدين وأن القانون يجب أن يأخذ مجراه.. بغض ''اللمس'' والنظر إن كانت ثورة الطهارة أو ''الختان'' هذه، نزوة موسمية أو انقلاب ''حجاجي'' على دولة المفسدين، فإن الثابت من غارات سيف الحجاج السالفة العصر والآوان، أننا أمة المناسبات وأمة الظروف والأهواء، فالفساد الذي تحتاج محاربته إلى ''تصريح'' و''إشارة'' من جهة ما، لا يمكن أن يهزمه لا سيف ولا رمح ولا حتى صاروخ الحجاج، فما دام للبطاطا موسم ولليمون موسم وللدجاج موسم وللعدس ''مواسم''، فإن حملة الفساد المتجددة لن تخرج عن دائرة أن موسم الحصاد حل وسينقضي مالم تخرج السلطة من دائرة سلطة الأهواء إلى سلطة المؤسسات التي لا تحتاج إلى ''حجاج''، بقدر ما تحتاج إلى قانون مفعوله سارٍ على كافة المواسم والأمكنة والبطون.