قاتل المدير العام للأمن الوطني، متهم يدعى ''جنون''، مطلوب القبض عليه حيا أو ميتا كون القتيل ليس أي كان ولكنه رجل بتاريخ ومكانة ومقام سي ''الغوثي''، المجاهد الذي هزم جنون فرنسا، وانتصر على جنون الإرهاب، ونجا من أعتى العواصف ليباغت وهو في عرينه الآمن برصاصات اشتبهت وزارة زرهوني بأنها فعل مجنون. الجنون الذي يؤدي إلى رش الأجساد بالبنزين من طرف القانطين من رحمة ''ربي'' ومن زحمة المشاريع الحكومية، والجنون الذي يرمي الشباب إلى أغوار المحيطات، والجنون الذي يكشف أن معالي الوزراء لا يعرفون سرقة نفطهم إلا من خلال الجرائد، والجنون الذي يبرر قتل الأطفال وانتهاكهم، والجنون الذي يبرر انفلات الرصاص الرسمي، هذا الجنون الذي تمخض عنه الجنون الذي اغتال المجاهد علي تونسي، يحتاج، أي الجنون، إلى قانون يجرمه، على شاكلة القانون الذي جرم الحرفة، وكذا مشروع القانون الذي سيجرم الاستعمار. قبل أن تغدر رصاصات بجسد الشرطي الأعلى والأقوى في البلاد، كنا نعتقد أنه لا بأس من جنون بسطاء العامة من المنتحرين بالشنق أو باستعمال الجسور لأغراض ''تنبيهية'' أو حتى من المعرضين أجسادهم لنيران الدنيا قبل نيران الآخرة. أما وقد انتقل الجنون إلى فوق وتم الإقرار به رسميا من طرف وزارة الداخلية في واقعة مقتل المدير العام للأمن الوطني، فإن إصدار قانون لتجريم الجنون أصبح ضرورة وكل ذلك حتى نصل إلى نتيجة من أراد أن يجن، فليجن في بيته وليس بمسدسات وطائرات الدولة، فالجنون حق لمن أراد لكن أن يجني الجنون على الدولة فذلك ما يحتاج التجريم العاجل.