في بلد يصل كيلوغرام البصل إلى مائة دينار دون ''سارق'' إشعار، كما يصل فيه الأمن المستتب إلى مقتل مدير أمنه برصاصات الخلاف الشخصي أو الخرف السلطوي الذي له في كل ''مهزلة'' مبرر جاهز، في هذا البلد لا بأس ولا بؤس إن اصطدمنا يوميا بمشكلة رياضية أو سياسية أو ثقافية عنوانها الكبير والثابت أنها أينما ولينا وجوهنا فإن في الواجهة رابح سعدان، لا يهم إن كان مدرب كرة أو وزيرا حكوميا منتشرا في ملعب مفتوح على مباراة وقتها الإضافي أكبر من وقتها الرسمي بملايين اللحظات الوزارية.. البداية من الشجرة أو الكرة التي تخفي غابة أن حكومة فوّح رائحتها بصل نفيس وعتيق، قد اختارت منذ مدة أن توظف مواطنا يدعى رابح سعدان لدى مصالحها في منصب واقٍ أو مخفف للصدامات الاجتماعية والسياسية عبر ''جلدة'' منفوخة، أثبتت فعاليتها في موقعة العبور المصري في أم درمان وأصيبت بالإحباط في واقعة صفر ''مالاوي'' لتبرر الصفعة في مصر أنغولا بسفك دم حكم يدعى ''كوجيا'' وتحتفل الأمة الرسمية والشعبية بالصفر المكعب انتقاما من ''كوجيا'' وحفظا لكرامة قالوا إنها تساوي الصفر. لكن الغابة باشجارها وبصلها و''ثومها'' تعرت، فمقابلتنا المعجزة مع ''الصرب'' كشفت أن فريق سعدان لن يرى ''رابح'' ولا ربح إلا إذا اختفى سعدان الذي لم يعد يمتلك من أعذار إلا خطة أن ''الحظ'' الذي ''حلف'' فيه أمام ''مالاوي'' هو الحظ نفسه الذي نقل ''ثلاثية'' مالاوي من ملاعب أنغولا إلى ملعب 5 جويلية لتحل النكسة ويقول ''رابح'' سعدان إنه سيحاول ويكرر تعلم ''الحفافة'' في أقدام الحفاة والعراة من لاعبين يصابون بالعجز مع سعدان ويصنعون المعجزة والتألق إذا ما كانوا في فرقهم المحترفة، حيث لا ''سعدان'' ولا ''رابح'' عن طريق الحظ.. بغض النظر عن الكرة وأوهام أننا سنافس العالم في كأس العالم بفريق مدربه ''رابح'' رغم كافة المهازل ومعاول الفشل، فإن الشيخ سعدان ما هو إلا صورة مصغرة عن دولة من المسؤولين الفاشلين الذين يرفضون رمي المنشفة تحت أي ظرف كان. فسعدان لم يأت بالجديد ويكفيه حجة لبقائه على هرم الفريق أن يتمسك بقشة لن أعترف بالفشل ولن أستقيل ما لم يستقل وزير التربية الذي لعب مباراة عمرها 15 عاما من تلقي وتلقين المهازل، ورغم ذلك لايزال مصرا على أنه اللاعب الماهر الذي يحسن المراوغة والمباغتة وفضح الخصوم، فلتسقط المدرسة وليذهب الفريق الخصم، فريق المعلمين والأساتذة إلى الحجيم ، مادام جمهور داخل ''السلطة'' لايزال مغرما بأبوزيد التربوي وما فعل من مفاعيل وأفاعيل في قطاع ومنظومة تربوية لم تعد بها ساحة لعب واحدة صالحة للاستعمال والاستغلال.. المشكلة ليست في سعدان الفريق الوطني وحده ولكنها في أكثر من سعدان لايزال يرقص ويراقص حبات الموز ليرمي قشورها في الطريق في فخ لزحلقة كل من تراوده نفسه على أن ينافس السعدان.. نحن الآن أمام مشكلة عظيمة تسمى ''البصل'' الذي لعب مباراة ''الزيت'' لكي يصبح له ''ربراب'' يتربرب به. فكما لكل موسم فاكهة فإن من حق البصل أن يتغنج بسعر رائحته المقززة، فالوطن الذي يعيش ''ابصل'' أيامه في شتى مجالات ومنحنيات اللعب سواء كانت سياسية أم اجتماعية وثقافية ورياضية، يمر بأسوأ حالات ركوده وقعوده، ومسؤولوه ممن تغطوا وناموا في سرير الكرة أنهت إجازاتهم وعطلهم، مباراتنا مع صربيا، فالفريق الوطني الذي أخرج النساء من خدورهنّ وأعطاهن حصة ''رياضية'' في الوقوف صفا واحدا مع الرجل لمناصرة سعدان في فشله، انتهى به الأمر إلى زاوية أن الدرس انتهى وأن اللعب انتهى وحرائر الكرة ممن جئن بالآلاف لمناصرة كرة ''مطمور'' وصرخن بلغة الحرب ''إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق''، أحبط سعدان أملهن ليخلفن وراءهن صرخة ''فراق غير وامق'' وذلك بعدما انتهت المهزلة الكروية بابتسامة عريضة من الرابح سعدان وعد من خلالها جمهور ''المفارقات'' والمفرقعات أن ''الأمل'' مازال موجودا ''وراني أهنا.. ولن أستقيل''.. متى يقتنع الفاشلون من قوم ''السلطة'' بأن الاستقالة عمل جبار لا يحظى بشرفه إلا كبار الرجال؟ ومتى يقتنع سعدان وزارة الصحة المدعو بركات وسعدان التربية المدعو بن بوزيد أو غيرهما من ''سعادين'' السلطة أن أكبر انتصار لهم ومنهم أن يقتنعوا بمبدأ القدرة على توقيع الاستقالة، وذلك في تعويض للفشل، فأكبر إنجاز لمن أفلس في إدارة مباراته أن يهدي للجمهور استقالته، قبل أن تقيله شيخوخته. ترى لماذا يرفض بن بوزيد مثلا دخول التاريخ من باب الاستقالة مادام قد خرج منه من باب التعليم؟ إنه السؤال الأخير والكبير الموجهة لكل ''رابح'' سلطوي سعدان بحظه.. فاختاروا إحدى الحسنين: إما الاستقالة أو الإقالة، فلقد نفد رصيد مستخدكم ولا مجال لإعادة التعبئة، فكل بطاقات التعبئة نفدت فحتى محلات البيع التي كانت تسند رصيدكم ملت الشحن وإعادة الشحن.. استقالة تربوية: سأل أستاذ تلميذا: متى اكتشف الأوكسجين؟ فأجابه: اكتشف عام 1773 م. فرح الأستاذ للأجابة لكن أحد تلاميذه الأذكياء سأله: لكن يا أستاذ.. كيف كان الناس يتنفسون قبل هذا التاريخ؟ بالطبع الأستاذ استقال، ليس لغباء السؤال ولكن لأنه عجز عن الإجابة فهو لا يعرف كيف صمد قطاع التعليم في التنفس لمدة ربع قرن من استوزار لا أوكسجين فيه..