زرهوني الداخلية تدارك زلة وزارته، عقب مقتل المدير العام للأمن الوطني بزناد صديقه ''الشخصي''، وذلك حينما ربطت الفجيعة بالجنون المباغت الذي يصيب الحكام كما يصيب المحكومين، ليستأنف التفسير ويرجع معاليه فصول مأساة ''دولة'' إلى خلاف ''شخصي'' بين القاتل والمقتول، أدى إلى تبادل إطلاق نيران صديقة في غياب لأي شاهد عن جلسة ''القتل'' أو جلسة العمل كما وصفت في أول تعليق و''تعريق'' رسمي القضية برمتها ''خلاف شخصي''. يحدث بين الأب وأبنائه، وبين الأخ وأخيه وبين الجار وجاره، خلاف عادي، قد يتوقف عند حدود الشتم وقد يصل إلى التشابك بالأيدي وربما يتطور إلى الضغط على الزناد لإفراغ موجة غضب مفاجئ، وتفسير زرهوني الجديد أكثر إقناعا وصونا لمكانة الدولة التي اتهمها بيان وزارة الداخلية الأول بأنها كأي بشر قد تمر بحالات جنون تجعل عاليها سافلها، ليرمم وزير الداخلية ما تركه البيان الأول من حالة ذهول بعدما تكلم عن حالة تشبه حالة'' الجنون'' الذي لم يستثن حتى عقل مسؤول برتبة عقيد مكلف بقوات الشرطة الجوية. الاستفهام و''الاستفحام'' الذي يفرض نفسه في حالة الخلاف الشخصي، لا علاقة له بتسرع وزارة الداخلية في بيانها الأول كوننا تعلمنا من حادثة الطفل ''ماسينيسا'' بأن تصريحات المسؤولين تصريحات نسبية، ولكنه -أي الاستفهام- في مهزلة أنه إذا كان من العادي أن نقبل بأن بسطاء القوم قد يتورطون في تصفية خلافاتهم جسديا، فإنه من الكارثة على الأمة أن تكتشف أنه حتى'' كبارها '' إذا ما اختلفوا فإنهم لا يتوانون عن الضغط على الزناد ولا يهم إن سقط مفهوم الدولة.