المبلغ الذي حصل عليه الوسيط المقيم في الإمارات وصل إلى 150 مليون دولار لا يزال مسلسل فضائح الفساد التي يشهدها قطاع الطاقة في الجزائر متواصلا، باكتشاف تفاصيل جديدة وشخصيات أخرى كان لها دور في مساعدة الشركات الأجنبية في الحصول على استثمارات ضخمة في المجال النفطي ببلادنا دون المرور على الإجراءات والشروط القانونية التي تتطلبها هذه الاستثمارات العملاقة. اسم آخر في قصة الفساد الجزائرية كشفت عنه وثيقة نشرها موقع "الجزائر الوطنية" الإخباري، وهو عز الدين مادي الذي كان يشتغل ممثلا لشركة "فيرست كاليغاري برتروليوم ليميتد" المعروفة اختصارا ب "أف سي بي أل"، وهي شركة كندية مختصة في التنقيب وتطوير الحقول النفطية والغازية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وكان مادي على اتصال وثيق بالمسؤول الكبير في شركة سونطراك بومدين بلقاسم الموجود حاليا في السجن لتورطه في فضائح فساد أخرى في إطار ما يعرف بفضيحة سونطراك 1، وهو الذي على ما يبدو كان له دور في ربطه مع مسؤولين آخرين في الشركة وتبدأ علاقة الفساد، التي امتدت بين فترتي تولي كل من "ريتشارد آندرسون" ومن بعده "شاين أوليري" منصب الرئيس المدير العام للشركة الكندية. كما أشارت الوثيقة إلى ارتباط مادي بالمواطن الروسي المدعو مايكل كوربيف الذي يعتبر الذراع اليمنى لمواطنه "يوري شافرانيكك" الذي كان وزيرا في الحكومة الروسية في عهد الرئيس "بوريس يلتسين" والمساهم الكبير في شركة "فيرست كاليغاري برتروليوم ليميتد". وحسب الوثيقة فإن وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل حاول الاتصال وبناء علاقات وثيقة بالشركة عبر ابنه قبل عام 2008، الذي شهد بداية عز الدين مادي وساطته بين المسؤولين في كلا الطرفين، الأمر الذي سهل على الطرفين الاتفاق على الصفقات الفاسدة التي تم إبرامها. وتمثلت المشاريع التي تم إنشاؤها وفق الوساطة التي قام بها مادي مع مسؤولي قطاع الطاقة الجزائري، في الوحدتين 406 A وB405 الواقعين بمنطقة حاسي بركين، حيث نص الاتفاق على حصول مادي على نسبة 5 بالمائة من الأرباح المحققة في هذه المشاريع، التي تأتي بعد 10 ملايين دولار تقاضاها دفعة واحدة مع بداية المشروع، ليصل مقدار المبلغ الذي حصل عليه هذا الوسيط المقيم حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة الى 150 مليون دولار. ولفهم سبب إغداق الشركة الكندية بالأموال على وسيطها الذي تمت الصفقة بفضل اتصالاته مع المسؤولين الكبار في سونطراك ووزارة الطاقة آنذاك هو أن الشركة استطاعات الحصول على صفقة استخراج النفط من حقول دون أن تدفع أي سنتيم من أجل التنقيب عن البترول الذي كان مضمونا، والنجاعة التجارية كانت مضمونة هي الأخرى مع سهولة تقنية كبيرة، جعلتها تتلقى استثمارا مربحا جدا على طبق من فضة. وفي وقت لاحق قامت مجمع "إيني" الإيطالي الذي يمتلك شركة "سايبام" التي تورطت في فضيحة سونطراك 2، بشراء شركة "فيرست كاليغاري بيتروليوم ليميتد" بعد مفاوضات بين الطرفين، لتتحول الى مستفيد مباشر من الصفقة الفاسدة التي كان تضاف الى سلسلة الفضائح التي شوهت سمعة قطاع الطاقة الجزائري، الذي استغله الكثير مسؤولون نافذون في الاغتناء على حساب الشركة التي تعتبر عصب الاقتصاد الوطني.