تصرف رئيس مجلس إدارة شركة "ايني" الايطالية "باولو سكاروني" التي تورط فرعها "سايبام" في فضيحة تقديم رشاوى لمسؤولين كبار في قطاع الطاقة الجزائري، لدى زيارته إلى الجزائر أول أمس والتقى خلالها بوزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي، وكأن شركته خارج القضية تماما ولا تمت لها بأي صلة، حيث أكد المسؤول الايطالي أن المحادثات التي جمعته بالطرف الجزائري تركزت على آفاق الاستثمار المستقبلية لشركته في بلادنا من دون أن يتطرق إلى قضية الفساد التي انفجرت شهر ديسمبر الماضي، والتي كشفت عن تقديم "سكاروني" نفسه رشاوى إلى وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل، عبر الوسيط فريد بجاوي، حيث كشفت تسريبات عن التحقيقات التي أجرتها السلطات القضائية الايطالية عن اللقاء الذي تم بين الطرفين في مدينة ميلانو الايطالية، حيث اتفقا على منح "سايبام" مشاريع ضخمة في الجزائر تقدر قيمتها ب 11 مليار دولار مقابل رشاوى وصلت إلى 197 مليون دولار. وحسب ما نقلته وكالات الأنباء العالمية عن مصادر في الشركة الايطالية، فإن المحادثات تركزت فقط على الآفاق المستقبلية لاستثماراتها في الجزائر، والتي بدأت منذ عام 1980، وتعمل حاليا على الاستكشاف في أكثر من 24 موقعا في الصحراء الجزائرية، قصد تحسين طاقاتها الانتاجية التي وصلت إلى 80 ألف برميل يوميا في السنة الماضية. كما تناقش الطرفان حول اتفاق الشراكة بين "ايني" و"سونطراك" في إطار مذكرة التفاهم التي تربطهما. وتأتي زيارة "باولو سكاروني" إلى الجزائر بعد ساعات فقط من إصدار "ايني" بيانا إعلاميا قالت فيه إن تحقيقا داخليا في الشركة، أكد أن الشركة لم تتورط في أي من نشاطات الفساد في الجزائر، وأن الذي حصل لا يتجاوز كونه مجرد اختراقات بسيطة للأنظمة الداخلية للشركة، وهو ما يسير عكس التطورات التي عرفتها القضية والتحقيقات التي تجرى حولها في ايطاليا، والتي وجدت مؤشرات كافية على تورط "سايبام" في قضية الفساد التي هزت قطاع الطاقة الجزائري. ووصلت تداعيات الفضيحة على "سايبام" إلى خسائرها السنوية، التي أظهرت تقديرات أنها ستصل إلى 700 مليون دولار، نصف هذه الخسائر لها علاقة مباشرة بالفساد الذي تورطت فيه في الجزائر، ودخلت بعدها في خلافات حادة مع السلطات الجزائرية، مما دفعها إلى التخطيط لمغادرة النشاط بها وتسريح كل عمالها الجزائريين، وهي المشاكل التي ربطها المدير التنفيذي "أومبيرتو فيرجيني" بالتصعيد غير المتوقع في التحقيقات القضائية في الجزائر وأدى إلى تداعيات قوية جدا وسلبية على المستوى التجاري"، لتؤثر على قيمة أسهم "سايبام" في البورصة الايطالية التي انهارا بعد انخفاض سعرها بنسبة فاقت 55 بالمئة. وليس هذا هو اللقاء الأول الذي جمع رئيس مجلس ادارة "ايني" بعد انفجار فضيحة الرشاوى التي تورط فيها الفرع "سايبام "، حيث التقى مع الرئيس المدير العام لشركة سونطراك عبد الحميد زرڤين على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة "سان بطرسبورغ " الروسية قبل أسابيع، والتي شهدت نفس التجاهل الحالي لقضايا الفساد التي تورطت فيها، حيث أشار بيان الشركة فقط إلى أن اللقاء كان وديا وتناول آفاق العلاقات الاقتصادية بين الشركتين، على الرغم من أنها جاءت بعد يوم واحد من إعلان وزير الطاقة يوسف يوسفي أن الحكومة ستصعد من إجراءاتها ضد الشركات الأجنبية التي ثبت تورطها في فضائح الفساد، ووضعها في قوائم سوداء تستهدف حرمانها من الصفقات المستقبلية، وحتى إمكانية مطالبة الشركات الجزائرية من نظيرتها الأجنبية تقديم تعويضات. ولكن لحد الآن لم تطبق الجزائر أي من هذه العقوبات ضد "ايني"، بالرغم من أن قضية الفساد التي تورطت فيها مع مسؤولين كبار في قطاع الطاقة بالجزائر لا تزال أمام القضاء الايطالي، على خلاف ما حصل مع شركة "أس أن سي لافالين" الكندية التي تورطت هي الأخرى في قضية من نفس النوع ومع نفس الأشخاص الجزائريين، حيث تم وضعها في القوائم السوداء، وحتى اقتحام الأمن الجزائري مكاتب مقرها بالجزائر.