يعيش عشرات المرضى المصابين بأمراض القلب ظروفا كارثية في مصلحة أمراض القلب في المستشفى الجامعي بوهران، وذلك بسبب إهمال القائمين على القطاع في هذه المؤسسة الاستشفائية، وذلك رغم المراسلات العديدة إلى الوزارة، في الوقت الذي يبقي فيه المرضى يدفعون فاتورة ذلك على حساب حياتهم وصحتهم المتدهورة نتيجة ظروف الإقامة غير اللائقة، حسب ما وقفنا عليه في المصلحة. وجدنا العشرات من المرضى المصابين بداء القلب يقيمون في غرف لا تعطي الانطباع بأنها غرف علاج في مؤسسة كبيرة بحجم المستشفى الجامعي لوهران، نتيجة تشقق سقف الغرف وتسرب مياه الأمطار منها على أفرشة وأسرة المرضى الذين وجدناهم بالرغم من إصابتهم المزمنة بمرض القلب، "يرتجفون" من شدة البرد لغياب التدفئة، حيث علمنا من بعض من تقربنا منهم، أن الوضع يزداد سوءا خاصة بالليل عندما تنخفض درجة الرطوبة وسط برودة كبيرة لا يمكن للشخص السليم أن يتحملها، وهو ما زاد من تدهور حالة المرضي الصحية لانعدام ظروف الإقامة التي من شأنها أن تحقق الراحة للمريض عندما يقبل على المصلحة طلبا للعلاج، إضافة إلى أن أغلب الغرف نوافذها مكسورة وقد تم ترقيعها بقطع من الكرتون في مشهد مأساوي، مع العلم أن هذه الوضعية الكارثية لا تقتصر فقط على المرضى، وإنما مست كذلك مكاتب العاملين بالمصلحة الذين يعاني البعض منهم من الإصابة بمرض الكلى بسبب شدة الرطوبة وانعدام التدفئة. ووقفنا على مشهد آخر للوضعية المزرية في المصلحة، حيث تم وضع إناء كبير بأعلى خزانة إدارة المصلحة لجمع مياه الأمطار التي تتسرب من السقوف والجدران. وما يزيد من معاناة نزلاء المصلحة هو تدني مستوى الوجبات الغذائية التي تقدم للمريض المصاب بالقلب وهي وجبات غير كافية إضافة إلى رداءتها مثلما صرح به بعض المرضى، حيث إن المرضي الذين يعانون من داء القلب تتطلب وضعيتهم الصحية غذاء مميزا حسب الحمية المحددة لهم من قبل أطباء المصلحة، إلا أن إدارة مطبخ المستشفي تقدم للمرضى عبر 56 مصلحة متواجدة بالمركز شبه وجبات غذائية ذات نوعية موحدة، مع العلم أن وزارة الصحة أصدرت تعليمة تمنع فيها أهالي المرضى من جلب الغذاء لهم، غير أن نوعية الوجبات المقدمة في المستشفى جعلت المواطنين يرفضون الرضوخ لتعليمة الوزارة ويدخلون الغذاء إلى مرضاهم. من جهة أخرى أفاد مصدر مسؤول بمصلحة أمراض القلب بالمستشفي الجامعي لوهران بأن إدارة المركز تلقت تعليمة أخرى من وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات تطالب المواطنين بعدم جلب الأغطية والأفرشة لمرضاهم، على أساس أن إدارة المستشفى هي التي توفر الأغطية والأفرشة، غير أن تعطل آلة الغسيل للمستشفي منذ شهور، جعل الأفرشة والأغطية في حالة يرثى لها من الاتساخ بعد تداول مئات المرضى عليها، وهو ما جعل أهالي المرضى يلحون على جلب الأغطية والأفرشة لمرضاهم. كما تشهد المصلحة ضغطا كبيرا من المرضي الوافدين عليها من كل ولايات الغرب حيث يتم شهريا إجراء ما يفوق 3488 فحصا طبيا، واستقبال ما بين 5 إلى 6 مرضى يوميا. وما زاد حسب عاملين بالمصلحة من تعفن الوضع هو تحويل مصلحة الاستعجالات إلى موقع آخر بعيد كل البعد عن الجناح 13 لإقامة المرضى، وذلك بسبب عدم توفر سيارات الإسعاف بالمصلحة مما يعرض المريض للخطر خاصة عند تهاطل الأمطار حيث يتم نقله في ظروف صعبة إلى المصلحة. يضاف إلى كل ذلك انعدام المياه بالمصلحة لتنظيف أواني المرضى وأياديهم وهو الواقع المزري الذي آلت إليه المصلحة في ظل سياسة الإهمال والتسيب واللامبالاة بالمرضي الذين يعانون الأمرين من جهة انعدام الأجهزة الطبية لإجراء العمليات الجراحية اللازمة، خاصة بالنسبة للذين لهم مشاكل على مستوى شرايين القلب بعضهم يموتون في صمت بعدما طال انتظارهم في التكفل بهم. علما أن عائلات المرضى من الأطفال المصابين بداء القلب والذين يفوق عددهم 54 ألف مريض مازالوا ينتظرون منذ سنوات التكفل بهم وإجراء العمليات الجراحية لهم، وكثيرون منهم وافتهم المنية قبل ذلك بسبب الضغط الكبير على المصلحة.