تحول سوق الريح بسور الغزلان الذي يملكه ويسيره رجل واحد بمخالفته كل قوانين البيع والشراء وكل النظم التي تؤطر وتنظم المعاملات الاقتصادية التي تبنى أصلا على منطق الربح، الى حديث الساعة وأعجوبة السنة كما بات مثار تساؤل وحيرة لدى الجزائريين، لعدة أسباب كان أولها أن صاحب السوق يشتري السيارة بثمن أغلى من سعرها الحقيقي ويبيعها بثمن بخس مع اشتراط مدة زمنية نظير تسلم صاحب السيارة لماله، وأخيرا أن هذا السوق بات يستقبل عشرات السيارات يوميا ويبيع العشرات في اليوم دون خشية أصحاب السيارات من وجودة "إن" في الموضوع وأخيرا أن صاحب السوق لم يخلف وعده مع أي كان منذ افتتاح هذا السوق شهر رمضان الفارط. عدنا الى سوق الريح لنرى ما جد فيه وما إن كانت نسبة الإقبال زادت او نقصت وللوقوف مرة ثانية على حقيقة هذا السوق. "الدودج" ب900 مليون و«جاغوار" و"البورش" للتمتع مع أول خطوة تضعها في هذا السوق إلا ويذهب نظرك الى المئات من السمساسرة الذين توافدوا على هذا السوق بسبب الربح السريع وجنيهم مئات الملايين من هذا السوق لشراء سيارات وبيعها لصاحب السوق الذي لا يشكون في صدقيته ونزاهته، كما اعتمد صاحب السوق في ترويجه السيارات وتطمين البائع من وعده الصادق في دفع ثمن السياراة المشتراة بعد انقضاء المدة الى عرض سيارات من آخر طراز على غرار سيارة دودج الأمريكية وفيراري وبورش وجاغوار الروفر التي تحولت الى لعبة وسط الفضوليين والمشترين الذين تمكنوا من اعتلاء مقاعد هذه السيارات التي يفوق سعر بعضها الحقيقي ملياري سنتيم فيما تم بيعها ب900 مليون سنتيم عند صاحب هذا السوق. هذا وقد وقفنا على عمليات بيع وشراء أغرب من الخيال على غرار صاحب شاحنات "الهربيل" أو مايسمى بشاحنة صغيرة الحجم الذي اشترى أمام أعيننا 8 شاحنات من هذا السوق بثمن 50 مليون سنتيم اي بمبلغ 400 مليون سنتيم ليقوم في الوقت ذاته بإعادة بيع شاحناته المفترضة الى صاحيب السوق بثمن 75 مليون سنتيم أي بفائدة 200 مليون سنتيم إضافية نظير صبره لمدة خمسين يوما إضافية. والأغرب في هذا كله أن هذا المشتري قام بإخراج شاحناته من السوق وإعادتها اليه وعند سؤالنا إياه عن سر إخراج شاحناته بحكم أنه قام ببيعها لصاحب السوق فأخبرنا أنه بهذه الطريقة "يحلل" شاحناته كونه اشترى من السوق ومن ثمة باعها إياه. سماسرة بيع السيارات.."حققنا أرباحا بالملايير ولا يوجد أصدق وعدا من صاحب السوق هذا" حدثنا بعض سماسرة السوق الذين حاولنا استدراجهم في الحديث عن ثقتهم العمياء والمفرطة في صاحب هذا السوق كون بعضهم قام بدفع سيارات رباعية الدفع من نوع انفينيتي وروفر مقابل استلام قصاصة فيها مبلغ السيارة ومدة استلام المبلغ لا تمثل أي دليل قانوني أو إداري لإثبات ملكية هذه السيارة في حال تمت سرقتها او إنكار صاحب السوق لمالكها، ليخبرنا هؤلاء أنهم حصلوا على المال الكثير من هذا السوق وأن صاحبه فتح لهم باب رزق ما كانوا ليحلموا به، مؤكدين أنهم اشتروا سيارات وباعوها لصاحب السوق بأثمان مضاعفة عن ثمن شرائها مما مكنهم من تحقيق ربح كبير جدا جعلهم لا يشكون في صدقية الوعد الصادق. "الطماعين" يساهمون في ترويج هذا النوع من التجارة قابلنا بعض من أحضروا سياراتهم لهذا السوق على أمل بيعها او تحديد ثمن لها، غير أن الثمن الذي يحدده من كلفهم صاحب السوق بمعاينة السيارت المعروضة لا يسمح لصاحب السيارة بالتراجع كون ثمنها سيصبح خياليا ولا يترك فرصة للبائع في إعادة سيارته الى منزله، كما أن إجماع كل من في السوق على صدقية السوق وصاحبها يدفع بالبائع إلى بيع سيارته. وما شد انتياهنا ونحن نصول ونجول في هذا السوق الغريب المليء بالتناقضات في ظل غياب كلي للرقابة وفي جو مشحون بالطمع والسعي للربح السريع، لفت انتباهنا وصول شاحنات تحمل سيارات من نوع بارتنار جديدة مرسلة من وكلاء معتمدين لبيع السيارات وهم يعرضون سياراتهم على صاحب السوق على أمل شرائها وبيعها في سوقه بأثمان أقل من سعرها الحقيقي. لندخل بعد هذه الصورة في دوامة وكأننا في سوق الأسلحة بمالي أو النيجر، حيث لم نتمكن من استيعاب المشهد وكغيرنا ممن التقيناهم عبروا عن دهشتهم واستغرابهم الشديدين من طريقة بيع وشراء السيارات بهذا السوق كون لا أحد يعرف ما الذي يدور في كواليس هذا السوق وفي نية صاحبه المسمي سوقه بالوعد الصادق. وملخص ما وقفنا عليه في هذا السوق أن صاحبه يسعى بهذه الطريقة للحصول على السيولة المالية، ليستعملها في سوق أخرى. ولهذا فقد وضع نسبة فوائد قاربت الخمسين بالمائة بعد انقضاء مدة البيع 50 يوما على غرار ما حصل عليه صاحب شاحنات "الهربيل" ليتجاوز صاحب السوق بنك الخليفة الذي حدد 17 بالمائة نسبة الفوائد، ليتعدى بهذا كل بنوك ومصارف العالم ويخلق طريقة جديدة للربح في العالم. ليتحول في الأخير هذا السوق قبلة لسماسرة بيع السيارات والطماعين أو الآملين في بيع سياراتهم واستبدالها بسيارات أحدث في مدة زمنية قصيرة، وكلهم أمل في ألا تكون نهاية هذا المشهد من مشاهد الطمع والجشع والربح السريع في وقت تكون فيه سياراتهم مركونة للبيع بزوايا هذا السوق، كونهم في حينها لن يتمكنوا من استرجاع سياراتهم التي لا يملكون إلا الريح كدليل ملكيتهم لها.