يرمي التقسيم الإداري الذي يعتزم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تطبيقه خلال عهدته الرابعة إلى محاربة البيروقراطية و تكريس مبدأ تقريب الإدارة من المواطن وذلك من خلال ترقية عدة مناطق من الوطن إلى ولايات خاصة بالجنوب و الهضاب العليا. وكان الرئيس بوتفليقة قد أكد أمس الأربعاء في أول إجتماع لمجلس وزراء الحكومة الجديدة على الشروع في التقسيم الإداري الإقليمي الجديد بإيلاء الأولوية في السنوات الأولى لمناطق الجنوب والهضاب العليا. تقسيم البلاد اداريا الى 48 ولاية ، لم يعد يستوف متطلبات الواقع الجديد ديمغرافيا و اقتصاديا و تأثير ذلك على الخدمات و قرب الادارة من المواطن. هذا ما اتفقت عليه تقريبا كل وعود المترشحين لرئاسيات 17 أفريل ، و منهم الرئيس الفائز عبد العزيز بوتفليقة، و الذي أعلنه كبرنامج فيما قرر الشروع في تنفيذه كإصلاحات للمرحلة المقبلة في أول مجلس وزراء يرأسه خلال عهدته الرابعة. غير أن دواعي ظهور ولايات جديد تختلف ، بين الشمال و الجنوب ، ففي شمال البلاد ظهرت دوائر استطاعت أن تضع لنفسها مكانة كبيرة من حيث النمو الاقتصادي و الديمغرافي ، و تجاوزت حتى عاصمة الولاية التي تحولت في بعض الحالات الى ضاحية للدائرة الواعدة ، فالعالمة في سطيف و شلغوم العيد في ميلة ، و فرندة في تيارت ، أمثلة عن دوائر أخرى تنتظر الترقية الى مصاف الولايات و تضاف الى العدد 48 ، أما في الجنوب فالسبب مختلف ، حيث يعاني سكان بعض المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مثل عين صالح في تمنراست و تيميمون في أدرار و المنيعة في غرداية و غيرها الأمرين و هو يقطعون مئات الكيلومترات وسط الصحراء تستهلك من وقتهم ساعات و ربما أيام لاستخراج وثيقة أو القيام بإجراء إداري لا يستغرق سوى دقائق معدودة. لاشك في أن نشر السلطات المحلية على مساحات جغرافية أقل و كثافة سكانية أضعف هو الأقرب إلى التسيير الحديث المعمول به في الدول المتقدمة ، إلا أن استحداث تقسيم إداري جديد له متطلباته المادية و البشرية ، فقد أظهرت دراسات حكومية أن انجاز المشروع يتطلب ما لا يقل عن 6000 مليار سنتيم لتغطية مصاريف المقرات و العتاد و أجور الموظفين ، يضاف اليها في الجانب البشري تكوين الاطارات المسيرة. و فوق كل هذا يجب الأخذ بعين الاعتبار مدى جاهزية السلطة في المضي قدما نحو تجسيد المشروع الحلم عند ملايين من الجزائريين ضاقوا ذرعا بتقسيم لم يعد يستوف مستجدات المرحلة ، فمتى سيرتفع رقم الولايات عن 48 ، و بكم؟ أسئلة تطرح بقوة حاليا، خاصة مع إعلان الرئيس بوتفليقة عن شروعه في مشروع التقسيم الإداري، وإلى غاية ظهور معالم هذا التقسيم الموعود .. يبقى سكان العديد من دوائر الجمهورية في حالة انتظار كبير.