الجمعية الوطنية لحماية البيئة: "بارونات العقار في قفص الاتهام" أمرت القيادة العامة للدرك الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني، مصالحها بالولايات بالتعجيل في فتح تحقيقات ميدانية حول موجة الحرائق التي أتلفت منذ شهر رمضان فقط أكثر من 2500 هكتار من الغابات والمساحات الخضراء وخلفت إصابات في صفوف مزارعين ومواطنين، خاصة أن التقارير الأولية تشير إلى أن "اشتعال النيران في المناطق المتضررة تم في الغالب بفعل فاعل". من جهتها أقرّت وزارة الداخلية بالتنسيق مع المديرية العامة للحماية المدنية مخطط لاحتواء الوضع من خلال إنشاء خلايا تطوّع بالولايات من أجل مساعدة مصالح الحماية المدنية على تحسيس قاطني الغابات بخصوص أهمية الغطاء النباتي ومكافحة الحرائق. وتشير حصيلة مؤقتة حصلت عليها "البلاد" إلى أن مصالح الحماية المدنية سجّلت منذ بداية شهر جويلية الجاري أكثر من 300 حريق للغابات عبر كامل التراب الوطني، تسببت في إتلاف ما يربو عن 2500 هكتار من المساحات الخضراء، إلى جانب إحصاء 90 بؤرة حرائق خلال اليومين الفارطين عبر 5 ولايات من الوطن اجتاحت مساحة إجمالية قدرها 900 هكتار، دون أن تتسبب في أية خسائر بشرية أو مادية. وأفاد مصدر مسؤول من المديرية العامة للغابات أن "موجة الحر فعلا من العوامل المساعدة على حدوث الحرائق، إلا أن 96 بالمئة من الحرائق المسجلة إلى حد الآن سببها الإنسان. في هذا السياق، جددت المديرية العامة للغابات دعوتها للمواطنين، لا سيما الساكنين قرب الغابات إلى التحلي باليقظة وتفادي إشعال النار بالقرب من الغابات. من جهتها، طالبت الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث بتحرك حكومي عاجل للتحقيق حول فضائح حرائق مفتعلة للغابات أتت على أكثر من 100 ألف هكتار. واتهم رئيس الجمعية، علي حليمي، في تصريح ل«البلاد" ما أسماه "تحالفا لمافيا الخشب مع مافيا العقار من أجل الاستحواذ على العقار الفلاحي وتجسد مشاريع استثمارية بتواطؤ جهات إدارية نافذة لتكريس سياسة الأرض المحروقة و«مسح الموس" في عوارض الطبيعة". وأكد رئيس الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث، أن "التراخي في التصدي لموجة الحرائق المتزامنة خاصة بالجهة الشرقية للبلاد يهدد بكارثة بيئية حقيقية، لأن التقارير الميدانية التي قامت بها فرق الجمعية عبر الولايات تشير إلى أن أكثر من 70 بالمائة من الحرائق التي اندلعت ولا تزال مفتعلة ويقف وراءها أصحاب المصالح وبارونات العقار ومافيا الخشب"، وتابع المتحدث بالقول أن "معظم المؤسسات التي افتكت صفقات لتجسيد مشاريع تشجير الغابات مقابل الملايير اضطرت في آخر المطاف إلى إضرام النيران في هذه المناطق لإخفاء كل آثار فشل مشاريعهم وبإمكان المصالح المختصة وحتى محافظة الغابات القيام بعمليات مسح واسعة للشريط الغابي بالولايات للوقوف على هذه الحقائق". والأخطر من هذا حسب الجمعية الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التلوث أن أصحاب تلك المشاريع المشبوهة حول التشجير تربطهم علاقات متينة مع مافيا العقار الذين حرمتهم القوانين من الحصول على قطع أرضية لتجسيد مشاريعهم الاستثمارية في المناطق شبه الغابية والغابية، وبالتالي التمكن من تجاوز هذه العراقيل وإبادة الثروة الغابية لتحقيق أهدافهم". وشددت جمعية حماية البيئة على وجود عملية إحراق مقصودة، بالزمان والمكان، من طرف أصحاب مصالح أطلق عليهم إطارات الغابات تسمية الأيادي السوداء من خلال اختيار أماكن اندلاع الحرائق، حتى تمنع التدخلات الأولية لإطفائها، مع ضمان سرعة انتشارها على مستوى عدة جبهات، تكون بمثابة شرارة تكوين أمواج مدمرة، والغرض من ذلك هو تحقيق أرباح تجارية، مباشرة بعد إتلاف الغطاء النباتي، حسب إحصائيات ميدانية. ودعا علي حليمي، لمواجهة هذا الوضع إلى حماية أعوان وإطارات الغابات من الضغوط والتهديدات الممارسة ضدهم، من طرف بعض اللوبيات وأصحاب المصالح الضيقة بقطاع الغابات. كما طالب بالتعجيل في تدعيم ورد الاعتبار، لإدارة الغابات على المستوى التنظيمي والهيكلي والتسييري، من خلال تأسيس إدارة غابات مستقلة متخصصة ومدعمة بكل الوسائل المادية والبشرية، مضيفا أن الوضعية الحرجة كانت تتطلب الاستعانة بعتاد وآليات هيئات ومؤسسات وطنية للتصدي لألسنة النيران كما حدث مع "العاصفة الثلجية" التي اجتاحت أغلب ولايات الوطن في وقت سابق. وأوضح المصدر أن مخلفات الحرائق تستدعي تحديد قائمة بالمناطق المصنفة في الخانة الحمراء وهي المتضررة بالحرائق وضرورة فرض مخطط لحمايتها.