خصصت محافظة المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي بالمدية، الطبعة التاسعة، لتكريم روح أحد أعمدة الفكاهة في الجزائر في المسرح وفي السينما الفنان الراحل ”حاج عبد الرحمان” المعروف في الوسط الفني باسم ”المفتش الطاهر”، نظرا للأعمال الفنية القيمة التي قدمها للفن السابع الجزائري ولكنه قدم قبل ذلك الكثير في عالم المسرح، وهي فرصة لفتح المهرجان على عوالم الفن السابع وتمكين الجمهور من الاستمتاع مرة اخرى بأعمال الفنان حاج عبد الرحمان واكتشاف الجانب المسرحي من حياة هذا العملاق. التظاهرة التي يحتضنها فضاء دار الثقافة حسان الحسني بالمدية في ال25 من الشهر الجاري، تستحضر أعمال الراحل المفتش الطاهر بتقديم شهادات حية حول حياته وإنجازاته الفنية، إذ سيتم استعراض التجربة المسرحية والسينمائية في حياة الفنان حاج عبد الرحمان في ندوة دراسية يومي ال27و28، إلى جانب ورشات تكوينية في مجالات التمثيل والإخراج، فضلا عن ورشتي السينوغرافيا والكتابة الدرامية. كما يتضمن برنامج هدا الحدث الثقافي الذي يستمر الى غاية نهاية الشهر الجاري ثمانية عروض مسرحية داخل المنافسة على جائزة العنقود الذهبي وتسع جوائز قيمة تختار من بين العروض المسرحية المترشحة للمشاركة في المهرجان من طرف لجنة الانتقاء المكونة من مختصين، إلى جانب العروض المسرحية خارج المنافسة بمعدل ثمانية عروض في كل سهرة، التي ستشهدها عديد الهياكل الثقافية الأحياء الجامعية بالولاية وبعض الولايات المجاورة. ورصدت محافظة المهرجان 10 جوائز قيمة للأعمال الفائزة، من بينها جائزة العنقود الذهبي وقدر ثمنها ب500 ألف دج، بالإضافة إلى تسع جوائز أخرى سيتم توزيعها عند نهاية فعاليات المهرجان على المشاركين بأعمال ستعمل لجنة التحكيم التي ستشرف على توزيع الجوائز الموزعة بين جائزة أفضل نص، وجائزة أفضل نص وأفضل إخراج قدرت ب 100 ألف دج لكل منهما، وجائزتي أحسن ممثل وممثلة ب 80 ألف دج لكل منهما، وجائزة 60 ألف دج لكل من أفضل دورين ثانويين نسائي ورجالي، فيما قدرت جائزة أفضل سينوغرافيا 100 ألف دج، وجائزة أفضل موسيقى 80 ألف دج، وأخيرا جائزة لجنة التحكيم 100 ألف دج. يهدف المهرجان، حسب القائمين عليه، إلى ترقية الفعل المسرحي تأليفا وإخراجا وأداء من خلال توفير أجواء للنقاش والتنافس، وكذا تشجيع المؤلفين المسرحيين وتدعيم وإثراء الساحة الثقافية بنصوص جديدة من خلال تنظيم مسابقة وطنية لأحسن نص مسرحي، بالإضافة إلى تمكين الجمهور المحلي من الإطلاع على أهم المنتجات المسرحية على المستوى الوطني بغرض الترفيه والاستمتاع من جهة، وغرس تقاليد ثقافة مسرحية من جهة أخرى، وأيضا تمكين الفرق المحلية من الاحتكاك والتواصل والاستفادة من مختلف التجارب المسرحي ويعد فقيد الفن السابع الجزائري الراحل الحاج عبد الرحمان المعروف فنيا ”المفتش الطاهر” فنان مسرحي ومؤلف سينمائي، استهل حياته المهنية كتقني ومصور، ما ساعده على صقل موهبته الفنية في عالم المسرح باحتكاكه مع الأستاد علال المحب الذي تتلمذ على يده في الدراما، ليتسنى له أداء عدة أدوار أولها دور القسيس في مسرحية ”مونسيرا” التي تناولت موضوع الاستعمار. كما مثل في مسرحية ”بنادق أم كرار” لمؤلف ألماني. ولم يقتصر أداؤه المسرحي في العاصمة بل جاب كل الولايات الوطن بمعية أستاذه ورفيق دربه ليؤدي مجموعة من المسرحيات والسكاتشات الفكاهية التي امتعت الجمهور آنذاك. ساعدته موهبته المسرحية على المضي قدما وتقديم كل ما تجود به قريحته الفنية، حيث ولج الفن السابع من بابه الواسع بعدما فجر قدراته السينمائية في فيلمه الأول ”المفتش الطاهر” رفقة مساعده الفنان الراحل يحيى بن مبروك الذي جسد دور مساعد المفتش في الفيلم للمخرج موسى حداد العام 1972، والذي جرت أحداثه بين الجزائر وتونس وحقق رواجا لا مثيل له. غير أنه لم يقف عند هذا الحد بل أحرز الحاج عبد الرحمان سلسلة نجاحات في فيلم بعنوان ”المفتش الطاهر يسجل هدفا” عام 1977، وأفلام أخرى مازالت راسخة في ذاكرة الجمهور الجزائري إلى يومنا هذا. أصيب الحاج عبد الرحمان بمرض خطير أجبره على اعتزال الساحة الفنية مبكرا، لتوافيه المنية في 5 أكتوبر 1981، عن عمر يناهز 41 سنة، ليفقد الصرح الثقافي الجزائري واحدا من عمالقة الفن الرابع.