كشف شهر رمضان هذا العام تباينا في ثراء ومستوى النشاط الثقافي لدى أبرز خمس مؤسسات ثقافية في الجزائر وهي المكتبة الوطنية والديوان الوطني للثقافة والإعلام و''فنون وثقافة'' وديوان رياض الفتح والوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، حيث سجلت المكتبة الوطنية غيابها التام عن الساحة إذ لم تنظم أي تظاهرة على الإطلاق طوال الشهر الكريم وحتى قبله؛ لتكتفي بدورها ك''قاعة مطالعة'' بعدما كانت في المواسم السابقة ''منارة فكرية'' يحج إليها المثقفون على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم لتنشيط فضاءات نقاش خصوصا في الشهر الفضيل على غرار المقاهي الفكرية والفلسفية والشعرية· وإن كان حال المكتبة الوطنية يعرفه العام والخاص وله ''مبرراته''، فإن هناك مؤسسات ثقافية لم يسمع لها أي صوت في الشهر الكريم وحتى في باقي أشهر السنة على غرار ''الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي'' التي تتخذ من ''فيلا عبد اللطيف'' في العاصمة مقرا لها· وأنشئت هذه المؤسسة التي تقارب ميزانيتها السنوية ال 15 مليار سنتيم، بموجب مرسوم تنفيذي صدر سنة ,2005 يشير إلى أنه من بين مهامها؛ ''إعداد برامج نشاطات ثقافية جزائرية وتنظيمها في الخارج''، والمساهمة في تنظيم التظاهرات الثقافية الأجنبية بالجزائر، كما تشارك ب''آرائها وتوصياتها وبأي شكل من المساهمة في ترقية الثقافة الوطنية''، غير أن واقع الحال يؤكد أن هذه الهيئة غير موجودة أصلا في الميدان، فالتظاهرات التي تقيمها سنويا تعد على رؤوس الأصابع مقارنة بضخامة ميزانيتها، أما في شهر رمضان فلم تقم هذه ''الوكالة'' أي نشاط يذكر، وعدا ذلك نظمت بضع نشاطات من بينها الطبعة الخامسة ل''ليالي الساورة'' واستضافة بعض الفنانين·ومن بين المؤسسات التي تشهد غيابا عن الساحة، ''ديوان رياض الفتح''، حيث أنشئت هذه المؤسسة الثقافية سنة ,1983 وتبلغ ميزانيتها السنوية قرابة ال 12 مليار سنتيم، وتتعلق النشاطات التي تقيمها عادة بالسينما واستضافة بعض المعارض، وفيما عدا ذلك، يعاب على المؤسسة افتقارها إلى نشاط ثقافي نوعي ودائم، حيث اكتفت خلال شهر رمضان لهذا العام بتنظيم 12 حفلا فنيا في ''الجاز'' و''الشعبي'' وعرض مسرحي واحد للفنان كمال بوعكاز· وبعيدا عن هذا ''القحط الثقافي''، تبقى مؤسستان ثقافيتان تحفظان ماء الوجه وهما الديوان الوطني للثقافة والإعلام ومؤسسة ''فنون وثقافة'' التابعة تنظيميا وإداريا إلى ولاية الجزائر، حيث تبلغ الميزانية السنوية للمؤسسة التي أنشئت سنة 1998 من طرف محافظة الجزائر الكبرى ''كأداة لسياسة ثقافية بالعاصمة''، 20 مليار سنتيم التي تتكفل بها ولاية الجزائر وهي أغنى ولايات البلاد، ويضاف إليها اعتمادات مالية خاصة بكل نشاط تنظمه· وتركز ''فنون وثقافة'' في فلسفتها الثقافية، على ''النشاط الجواري''، غير أن العديد من المتابعين يعيبون عليها الوقوع في ''فخ الفلكلور'' وتركيزها على وطغيان الحفلات الغنائية على برامجها الثقافية· وخلال الشهر الفضيل، نظمت ''فنون وثقافة'' سلسلة سهرات موسيقية منوعة إلى جانب لقاءات أدبية ضمن ''فضاء رمضان''، وبعض المعارض الفنية التشكيلية· ميزانية محدودة ونشاط مميزوفي السياق ذاته، يحتل الديوان الوطني للثقافة والإعلام الذي تأسس سنة 1998؛ المركز الأول دون منازع، حيث يعتبر ''بوابة الثقافة الأولى'' في الجزائر رغم ميزانيته السنوية المحدودة مقارنة بباقي المؤسسات والتي تبلغ 10 ملايير سنتيم، فخلال الشهر الفضيل، تمكن من التغطية على الفراغ الثقافي من خلال تنظيم تظاهرة ''ليالي المديح والإنشاد الديني'' التي استقطب فيها كبار المنشدين العرب وأهم الفرق الجزائرية، إلى جانب تنظيم سلسلة سهرات فنية أصيلة ب''قاعة الموقار'' شارك فيها عميد المالوف المغربي محمد باجدوب والتونسي زياد غرسة الفنان الفلسطيني جميل السايح، إلى جانب كل من حمدي بناني وزكية قارة تركي ونادية بن يوسف وباقي نجوم الأغنية الحوزية والشعبية الجزائرية· وبعيدا عن نشاطه المميز خلال الشهر الفضيل، أطلق ديوان الثقافة والإعلام هذا الموسم برامج وفضاءات جديدة بعد انتقال مقره إلى ''قاعة الأطلس'' على غرار ''إصدارات'' و''موعد مع الكلمة'' و''ووقفات تاريخية''، إلى جانب برنامج فني وسينمائي ومسرحي مستمر ب''قاعة الموقار'' ومختلف الفضاءات·