تتجه التحذيرات الأمنية من وقوع هجمات في أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي أطلقتها عدة دول غربية في نهاية شهر أكتوبر من السنة الأخيرة نحو التحقيق، على خلفية الهجوم المسلح الذي تعرض له مقر صحيفة "شارلي ايبدو" ذات الخط العدائي والساخر من الإسلام والمسلمين في العاصمة الفرنسية باريس. وسبق أن شددت الولاياتالمتحدة إجراءاتها في حماية نحو 9500 منشأة فيدرالية، بينما انتشر جنود بريطانيون في المناطق السياحية بلندن، وزاد الفرنسيون من مراقبة المطارات والمرافئ، خوفًا من عودة مقاتلين من سورياوالعراق، لتنفيذ عمليات مسلحة فيما تعرض جنديين من كندا إلى عملية اغتيال في نهاية أكتوبر الماضي. بينما عاشت جبال منطقة القبائل أحداثا عنيفة في نهاية سبتمبر 2014 عندما أقدمت جامعة تسمى جند الخلافة على اختطاف الرعية الفرنسي "هيرفي غوردال بيار" الذي قدم للسياحة في ظروف مشوبة بالغموض، وأعلنت تلك الجماعة الموالية لتنظيم "داعش" عن تبنيها عملية الإعدام، بعدما رفضت السلطات الفرنسية ضغوطات بسحب دعمها للعمليات الجوية في العراقوسوريا ضد "داعش". فيما شكلت عودة مقاتلين غربيين سبق وأن التحقوا بداعش حالة استنفار قصوى في المطارات والمدن الغربية الأوروبية والأمريكية، وظلت التقارير الأمنية الصادرة عن عدة هيئات أمريكية وأوروبية تحذر من هجمات مسلحة بفرنسا على وجه الخصوص. لكن عملية الهجوم على مقر مجلة سبق وأن أثارت سخط العالم الإسلامي بتهكمها على الإسلام وعلى المسلمين والتمادي في محاولة المساس بالرسول صلى الله عليه وسلم، لن يكون له أي رد فعل مناهض من العالم الإسلامي، بل سيظل حادثا عرضيا في أحسن الأحوال أصاب مجلة اعتمدت على السخرية والمس بالرموز الدينية للمسلمين، رغم محاولة علماء وكتاب ومفكرين معتدلين من العالم الإسلامي العمل على ربط قناة اتصال وحوار مع هذه المجلة المتطرفة، سيكون الموقف في العالم الإسلامي واضحا للغاية وهو أن التطرف الغربي اليميني المسيحي المعادي للمسلمين، هو الذي فتح باب الرد المتطرف والعنيف، بل سيظل هذا الأسلوب هو السائد في لغة التواصل بين متطرفي الجهتين، على أن مجلة "شارلي ايبدو" هي من بدأت حرب الاعتداء على مشاعر أزيد من مليار مسلم في العالم الإسلامي، وقد اعتمدت الجهة التي نفذت العملية على هذا العامل من أجل تحييد العالم الإسلامي عن استهجان عمليتها التي تعتبرها رد فعل مشروع على المجلة على الرغم من كون العملية مستهجنة، لأنه العالم الإسلامي والمسلمين عموما لم يفوضوا هؤلاء من أجل القيام بعملية قتل على المتاح لأشخاص قد يكون ذنبهم الوحيد أنهم تواجدوا لحظة الهجوم في المكان الخطأ، وعلى العموم فإن مثل هذه الهجمات تعتبر امتدادا لحرب التطرف بين الشرق والغرب وهي واحدة من تداعيات السياسات الغربية الخاطئة اتجاه العالم العربي والإسلامي على كل مستوياتها.