قتل 12 شخصا على الأقل أمس الأربعاء، فى إطلاق نار على مقر صحيفة شارلى إيبدو الساخرة في العاصمة باريس، حسب ما أعلنت عنه الشرطة الفرنسية، و أعلنت الحكومة حالة الطوارئ واستنفار أمني في كل أرجاء فرنسا. وبثت وسائل الإعلام الفرنسية مقطع فيديو ثلاث مسلحين ملثمين يطلقان النار على صوب مقر الصحيفة برشاشات كلاشينكوف، أسفر مقتل 12 شخصاً على الأقل بينهم 4 رسامين ومدير الصحيفة و شرطيان، وسقوط خمسة جرحى، ولاذ المسلحين بالفرار في سيارة سوداء من نوع "سيتراويان". ونقلت الإذاعة الفرنسية "أوروبا 1" ، أن المهاجمين كانا مزودين "بأسلحة أوتوماتيكية وقاذفة صواريخ" وصرخا : "تم الثأر للنبي"، وتمكنا لاحقاً من الفرار "ومعهما رهينة بعد تبادل للنار مع رجال الأمن". وأعلنت السلطات الفرنسية رفع درجة التأهب "لمكافحة الإرهاب" في باريس إلى أعلى مستوياته، و تشديد الإجراءات الأمنية حول الأماكن العمومية والمتاجر الكبرى ومقرات المؤسسات الإعلامية ووسائل النقل. وقال وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازنوف ، أن الحكومة الفرنسية "وضعت كل الوسائل اللازمة من أجل القبض على منفذي الهجوم وملاحقتهم". ووصف الرئيس فرنسوا أولاند الهجوم بأنه "إرهابي واعتداء على حرية التعبير" ودعا لاجتماع طارئ للحكومة، وقال أولاند :"نحن في أيام صعبة..نواجه التهديد لأننا أمة حرة". وذكر "إحباط عشرات الهجمات الإرهابية خلال الأسابيع الأخيرة، متعهداً مراجعة الإجراءات الأمنية في البلاد". وخرجت في عدة مناطق في فرنسا مظاهرات عارمة نددت بالهجوم الذي استهدف "شارلي ايبدو" دعا إليها صحفيين وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، ودعت لمظاهرات أخرى اليوم تنديدا بالحادثة التي أثارت عدة ردود أفعال دولية. وأدان رئيس مسجد باريس دليل بوبكر العملية التي وصفها ب"الشنيعة" وقال أن الجالية المسلمة بفرنسا " متأثرة بهذا الفعل" ،ودعت جمعيات مسلمة إلى نبذ العنف، وحذرت من موجات عنف ضد المسلمين المقيمين بفرنسا. وعرفت صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة بمعاداتها للاسلام و المسلمين، ونشرت سنة 2006 رسومات كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد، وفي 2013 أصدرت مجلة كتابا مصورا حول سيرته، ومثلت الصحيفة أمام القضاء في مناسبات مختلفة بتهمة الإساءة إلى النبي، إلا أنها لم تتعرض للإدانة، وكان آخر ما نشرته "شارلي ايبدو" قبل الهجوم الذي استهدفها أمس، رسم لزعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي، قبل 15 دقيقة من العملية. وتطرح عودة الهجمات الإرهابية في فرنسا بعد قضية محمد مراح عدة تساؤلات حول مصير الجالية المسلمة المقيمة فيها، بسبب تنامي العنصرية والنظرة المسيئة للإسلام، الذي طالما تربطه جبهة كبيرة في فرنسا ب "الإرهاب" سيما الجبهة اليمينية المتطرفة بقيادة مارين لوبان، وحزب الرئيس السابق نيكولا ساركوزي،فهل ستكون حلقة جديدة تشبه 11 سبتمبر بأمريكا ؟ خاصة أن الصحيفة معروفة بعدائها لكل ما هو مسلم، وكيف ستكون تداعيات القضية على الرأي العام الفرنسي ومعه الطبقة السياسية والحكومة على المستويين الداخلي أمام الأزمة الاقتصادية وتراجع شعبية أولاند والخارجي حيث تنخرط فرنسا في الحملة الدولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.