يعكس زوجان ألمانيان غير مسلمين من سكان مدينة دريسدن عاصمة ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا جانبا من تضامن سكان المدينة مع مواطنيهم المسلمين والأجانب بمواجهة المظاهرات الأسبوعية التي تنظمها مساء كل اثنين "حركة وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" المعروفة اختصارا ب"بيغيدا". ويحرص الزوجان فولفرام وأندريا على التوجه في يوم مظاهرة بيغيدا إلى "مركز مروة الشربيني للثقافة والحوار" مصطحبين هدية رمزية لمسؤولي ورواد المركز الذين تطورت علاقتهما بهم بعد ترددهما عليه لأول مرة مع حفيدتهما خلال فعالية "يوم المسجد المفتوح" التي تنظم في عموم البلاد في يوم الوحدة الألمانية في الثالث من أكتوبر كل عام. ويعتبر فولفرام زيارتهما للمركز أقل ما يمكنهما فعله تعبيرا عن تضامنهما مع رواده الذين يزورانهم باستمرار، ويتناقشان معهم حول قضايا دينية واجتماعية، ويشعران بينهم بالألفة والود، ولم يلحظا أي ملمح لما يشاع حول المسلمين من صور نمطية سلبية. وتستغرب الزوجة أندريا من تحول دريسدن حيث لا يعيش سوى نحو خمسة آلاف مسلم يمثلون أقل من 1٪ من إجمالي سكانها إلى مركز لمظاهرات بيغيدا المعادية للإسلام والأجانب. ويلتقط فولفرام طرف الحديث قائلا إن كثيرا من المشاركين في مظاهرات بيغيدا "تحركهم مخاوف غامضة ليست مبنية على معرفة حقيقية أو خبرة مباشرة مع المسلمين، ويرجع أغلبها إلى تقارير إعلامية تضخم أحداثا سلبية تتعلق بالإسلام، بشكل يجعل من يتابعها يربط الإسلام والمنتمين إليه بكل ما هو سلبي". وتتدخل الزوجة أندريا مجددا مبدية استغرابها من تحرك مظاهرات "بيغيدا" من منطلقات مسيحية، "في حين أن شرائح كبيرة من سكان دريسدن مركز الحركة ملحدون لا علاقة لهم بالدين، شأنهم في ذلك مثل باقي سكان ولايتهما سكسونيا وولايات شرقي ألمانيا التي تأثرت بطابع الحياة أربعين عاما في ظل النظام الشيوعي بجمهورية ألمانيا الشرقية السابقة". وتبدي أندريا التي تعمل موظفة تأييدها لوزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في تخوفه من إساءة مظاهرات "بيغيدا" لصورة ألمانيا في الخارج، و"الإضرار بقيم الانفتاح والتسامح الموجودة في المجتمع الألماني"، وأشارت إلى أن سمعة دريسدن المشهورة عالمية بتراثها ومعالمها الثقافية "تأثرت سلبا نتيجة المظاهرات الأسبوعية لبيغيدا". ولفتت إلى متابعتها تقارير إعلامية تحدثت عن تراجع وفود سياحية عن زيارة دريسدن خوفا مما يتردد حول مظاهرات المعادين للأجانب فيها . وخلص الزوج فولفرام إلى القول "إن مستقبل مظاهرات بيغيدا مفتوح على احتمالات مفتوحة"، مضيفا أنه يتمنى أن يتخلى أنصار "بيغيدا" عن التصورات المعادية للإسلام "التي ترتبط بأشياء أخرى لا علاقة لها بولاية سكسونيا التي يعيشون فيها".