تجلت ملامح قانون الاستثمار الجديد أخيرا بعدما صادق عليه مجلس الحكومة في اجتماعه الأخير، قبل نزوله أمام اللجنة البرلمانية للمالية وعرضه على النواب في المجلسين للمصادقة النهائية، هذا القانون الذي شكل نقاشا واسعا بين الفاعلين في الاقتصاد الوطني في ظل اعتماد الحكومة على القطاع الصناعي لتنويع صادرات البلاد والخروج من اقتصاد الريع نحو اقتصاد صناعي أكثر استقرارا خلال السنوات المقبلة، خاصة بعد الأزمة المالية التي لا تزال الجزائر تعيشها بسبب انخفاض أسعار النفط منذ شهر جوان المنصرم. ويوضح نص مشروع القانون الذي صادق عليه اجتماع مجلس الحكومة أن هذه الأخيرة قررت منح امتيازات أكبر للمستثمرين الجزائريين على حساب الاستثمار الأجنبي، حيث باتت حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال أكثر قربا واستجابة لمطالب رجال الأعمال منذ وصول علي حداد رجل الأعمال وصاحب مجمع "أي تي ار اش بي" إلى رأس أكبر هيئة باترونا وهي منتدى رؤساء المؤسسات، حيث ترجم قانون الاستثمار كل مطالب حداد المرفوعة إلى وزير القطاع عبد السلام بوشوارب وكذا الوزير الأول عبد المالك سلال، مما يفسره الكثيرون بقوة الرجل وعلاقاته المتينة بمراكز صنع القرار في البلاد، سواء في الحكومة أو غيرها، مما جعل الكثيرين يصفون قانون الاستثمار الجديد بالموضوع وفق مقاس علي حداد، خاصة أن هذا الأخير يطمح لتوسيع استثماراته إلى قطاعات كانت الحكومة سابقا تضع تحتها خطين أحمرين تحت مسماة القطاعات الاستراتيجية التي لا يحق إلا للمستثمر الأجنبي أو العمومي العمل فيها، من بينها القطاع المصرفي الذي يبدو أن حكومة سلال تتجه لفتحه أمام علي حداد أو سواه، خاصة أن هذا الأخير اقترح "عملية تطهير جبائي" التي من شأنها دمج القطاع الموازي في الإطار القانوني الذي سيعود بالفضل على الاقتصاد الوطني من خلال إدخال الكميات الهائلة من الأموال المتواجدة في "السوق السوداء" إلى البنوك التي يمكن أن تكون جزائرية خاصة. وسبق لعلي حداد أن أكد بحضور وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب أنه لن يكون هناك مكان لتسمية القطاعات الاستراتيجية الحساسة في البلاد عدا الدفاع الوطني أي أن الحكومة ستعمد إلى فتح كل المجالات أمام الخواص وهو ما ترجمه القانون الجديد قائلا إنه ألغى دور المجلس الوطني للاستثمار للمشاريع التي تقل قيمتها عن 150 مليار سنتيم بما في ذلك للأجانب الراغبين في الاستثمار في الجزائر بشكل مباشر، وهو التعديل الذي سيسمح للكثير من المجمعات الصناعية على غرار مجمع علي حداد "أي تي ار اش بي" ومجمع سيفيتال لصاحبه اسعد ربراب بإطلاق مشاريع صناعية كبرى دون انتار الموافقة الحكومية، خاصة أنها تلقت موافقة الوزير الأول للدخول في شراكة مع الحكومة لتمويل المشاريع الاستثمارية والاجتماعية الكبرى وعلى رأسها المشاريع السكنية بكل الصيغ بما فيها سكنات عدل والسكنات الاجتماعية بمقابل إعادة جدولة الديون والضرائب خلال السنوات العشر المقبلة، حيث رحب سلال دخول القطاع الخاص في المشاريع التنموية للبلاد خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، إضافة إلى الكثير من المزايا الممنوحة للمستثمر الجزائري، على غرار التحفيزات الجمركية للاقتصاد المنتج وتشجيع المستثمرين والإعفاءات الجمركية والرسوم وتمديد فترات تسديد القروض ومنح قروض بدون فوائد والحث على الاستثمار في ولايات الجنوب عن طريق الدعم المقدم من الدولة.