أخطر إرهابي حي على الأرض، ليس الخليفة "الداعشي" أبوبكر البغدادي، ولا أبوبكر شيكاوا، زعيم "بوكو حرام" التي غيّر اسمها إلى "ولاية غرب أفريقيا" بعد أن "تدعوش" وبايع البغدادي الشهر الماضي، بل حشرة ورد ذكرها في القرآن، وبالكاد تزن شيئا، إلى درجة أن وزن كل 1000 منها غرام واحد تقريبا. إنها البعوضة التي ينبض في جسمها 3 قلوب، مع ذلك فهي بلا شفقة ولا رحمة، وعنها ذكر العلماء الأربعاء الماضي جديداً اكتشفوه فيها، وأطلعت عليه "العربية.نت" مما تناقلته وسائل الإعلام، وجاء لمناسبة "يوم الملاريا العالمي" الذي تحييه "منظمة الصحة العالمية"، ويصادف هذا السبت. أما الجديد فيتعلق بالتوصل إلى الجواب عن سؤال علمي قديم، وكان محيّرا: لماذا تمص البعوضة دم شخص، ولا تمص دم سواه، حتى ولو كان نائما إلى جانبه في الفراش؟ والبعوضة الأخطر على الإنسان بين جميع كائنات الأرض هي الأنثى، مع أنها بين أضعف الخلق. إلا أنها شبيهة بشبكة رصد وتحليل مذهلة، بحسب ما يروي عنها الدكتور السوري محمد راتب النابلسي في الفيديو الذي تعرضه "العربية.نت" الآن. أما الذكر فمسالم، وغذاؤه رحيق الأزهار وعصارات النباتات وأنزيمات الأشجار، ولا يحتاج لمهاجمة الإنسان ليعيش، فيما الأنثى "دراكولا" حقيقي، ومصاصة دم بشري بامتياز، ومن دونه لا تتكاثر وتموت. طفيليات الملاريا تنقلها البعوضة عبر لعابها وتفتك بكريات الدم الحمراء ويتضخم معها الطحال تمص أنثى البعوض دم الإنسان لتحصل منه على عناصر غذائية تحتاجها لنضج البيض الذي تضعه، وإذا كان من غرزت فيه خرطومها مصابا بالملاريا، فإنها تنقلها عبر لعابها إلى آخر غير مصاب، وسريعا تستقر طفيلياتها بكبده، وتتبرعم فيه متكاثرة بالآلاف، ثم تتسلل إلى خلايا دمه الحمراء، فتدمرها مع الوقت، ليصبح واحدا من 250 مليون مصاب كمعدل كل عام، منهم 600 ألف تقتلهم حمى مزمنة تحتدم بفقر الدم وبتضخم الطحال المصفي للدم من الجرثوميات. وقتلت 60 مليوناً خلال 500 عام قبل الميلاد ويتعلق الجديد الذي اكتشفه علماء أميركيون وبريطانيون برائحة الإنسان الجاذبة إناث البعوض، والسبب الذي يجذب البعوضة إلى رائحة تعرف منها أن دم صاحبها يناسبها، فيما ترفض الانجذاب إلى رائحة آخر، لاكتشافها أن دمه من نوع لا يمدها بالعناصر الغذائية التي تحتاجها. أجروا تجربة، منشورة تفاصيلها هذا الأسبوع في دورية Plos One العلمية الأميركية، وتتعلق ببعوضة وضعوها في أنبوب، بنهايته اتجاهان، لمعرفة أي منهما ستختار، وفق ما تابعت "العربية.نت" في فيديو منشور أيضا عن التجربة التي وضعوا فيها ابنتين توأم من نفس البويضة عند اتجاه، وابنتين توأم من بويضتين مختلفتين عند الاتجاه الآخر، فكانت لدغات البعوضة متساوية بين ابنتي التوأم المتشابه، فيما فضلت ابنة من التوأم المختلف عن الابنة الأخرى. العالمان جيمس لوغان وديفيد ويتمان، شاركا بالتجربة التي شاركت فيها أيضا ابنتان توأم من بويضتين مختلفتين، وتبدو كل منهما في الصورة وهي تضع يدها عند أحد اتجاهي الأنبوب الذي وضعوا فيه بعوضة لمعرفة أي منهما ستختار للدغها أحد المشرفين على التجربة، وهو الدكتور جيمس لوغان، ذكر أن معرفة أسباب لدغة البعوضة لإنسان ورفضها لدغ آخر "تساعدنا على تجنب الكثير من الأمراض"، مضيفا أن البعوض يتأثر بالرائحة بصورة كبيرة، إلى جانب تأثره بالإضاءة أيضا، وأن جينا معينا في جسم الإنسان يميز رائحته عن رائحة مختلفة يميزها جين مختلف في إنسان آخر، واختلاف الجينات المولد الرائحة الجاذبة أكثر للبعوضة هو الذي يحدد "الطبق الدموي" الذي تفضله عن سواه، وهو ما ذكره مشارك آخر بالتجربة، هو ديفيد ويتمان. وللبعوضة ماض دموي من الأشرس مع الإنسان، ونجد شيئا عنه في مقال كتبه بمنتصف 2002 الصحافي فهد عامر الأحمدي، في صحيفة "الرياض" السعودية، وفيه أنها نقلت الملاريا بين 1942 و1945 إلى نصف مليون جندي أميركي وقتلت خلال 500 عام قبل الميلاد 24 مليوناً في أفريقيا و36 بآسيا، وحين أرسل نابليون جيشا في 1802 من 33 ألف جندي لتثبيت حق فرنسا بولاية لويزيانا وقمع ثورة العبيد في تاهيتي "قتلت البعوضة 29 ألفا من جنوده"، كما كتب.