كسر للطابوهات أم تعدٍّ على ثوابت الأمة لم تعرف الجزائر نقاشا شعبيا حادا حول قضايا تمس القيم والانتماء بمثل الحدة التي عرفتها في الآونة الأخيرة، وبعد رواية "الكاتب" كمال داود التي نالت حيزا كبيرا من النقاش الديني، وأثارت حفيظة المجتمع، برزت قضية "فتوى" وزارة التجارة التي "أحلت" بموجبها بيع الخمور بالجملة، وقاوم وزير التجارة عمارة بن يونس الحرب على رأسه، بل وصنفها في خانة "تحالف مافيا الاستيراد مع رجال الدين"، انتهى النقاش دون أي فواصل، حيث نجا بن يونس من مقصلة التعديل الحكومي الذي طرأ على حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، لكن من الواضح جدا أن النقاش سيعود لاحقا حول هذه المسألة التي أثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي بحدة، وقبلها بأسابيع قليلة كانت صورة الشاب يحمل بين يديه صناديق البيرة، قد أثارت تعاليق قوية، لكن وبعد أن أثيرت رخصة وزارة التجارة التي ألغيت لاحقا ببيع الخمور بالجملة أعلن عمارة بن يونس عن أن الجزائريين يستهلكون 200 مليون لتر سنويا من الخمور، من بينها 80 بالمائة من المنتوج الوطني للخمور، وأن بن يونس ليس هو من استهلك هذه الأرقام التي تجاوزت استهلاك عصير الفواكه. هنا توقف حمار الشيخ في العقبة كما يقول، انتهى النقاش حول الخمور فجأة، وبدأ النقاش بشأن "الميني جيب" وهذا يذكرنا بقصة "الهواري صاحب سيارة الإسعاف" التي أثيرت في تحقيق لقناة خاصة، طابو كسره الإعلام ولم يتحمله البعض، بل وتفاوتت بشأنه المواقف، لكن قضية الميني في جامعة الجزائر تحولت إلى "سيقان عارية"، هي حملة أطلقتها ناشطة على موقع التواصل الاجتماعي، والحقيقة أن الكثير من الجزائريين تابعوا صور حملة السيقان العارية، وبكثير من اللؤم تمنى البعض لو تمتد هذه الحملة إلى أشياء أكثر "صراحة"، مادام البعض لا يعتبر السيقان عورة في مجتمع تقول المادة الثانية من دستور جمهوريته "إن الإسلام دين الدولة"، وهنا من المثير حقا أن يعتبر الكثير من العلمانيين الأحكام الإسلامية تعسفا وجورا بينما يعتبر القوانين الوضعية تأسيسا للدولة المدنية حتى لو كانت تحمل كل الظلم والجور. «الميني" نال الاعتذار المطلوب من وزير التعليم العالي باسم الجامعة الجزائرية والحكومة، هنا لابد من وضع نقطة عند الموضوع الذي يكون قد نال حقه من النقاش، وما إن انتهينا من حكاية الميني حتى نزلت علينا حكاية أخرى اسمها الإلحاد، ورغم أنه موضوع ممقوت من المسلمين واليهود والنصارى باعتبار أن وجود الله هو القاسم المشترك بين الديانات الثلاثة، فإن الحلزون العنيد، وهو بالمناسبة حلزون غير مرغوب فيه حتى لو طالع كتابه ملايين القراء من مختلف دول العالم، رواياته مملة بالنسبة للقارئ العربي أو قارئ اللغة العربية، لدرجة أن روايات رشيد بوجدرة لا تغري الناس حتى بتصفح أغلفتها، هذا الحلزون لا يعترف بوجود الله ولا يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم بل يعتبر مجرد ثائر، رغم ذلك يلومنا البعض على عدم الاعتراف بحرية بوجدرة في الاعتقاد أو في الإلحاد، الغريب أن بوجدرة غالبا ما يردد كلمة "آمين" ، ويا الله كغيره من الجزائريين وربما لبوجدرة رب آخر غير خالق الأرض والسماء.. ومن البيرة والميني إلى الإلحاد لا يجد الكثير من الجزائريين غير الدعاء أن يتغمد الله "أرواحنا" و«إحساسنا" و«قيمنا" برمحته الواسعة..