ألغيت ندوة ''النقد والإبداع'' التي كانت مقررة مساء أول أمس ضمن آخر النشاطات الثقافية بصالون الجزائر الدولي للكتاب بسبب تغيب كل من الروائيين مرزاق بقطاش ورشيد بوجدرة والناقد الكاميروني ''باتريس نغانانغ'' والكاتب الليبي عبد الله مليطان سالم والروائي السعودي عبدو خال الذي لم يحضر إلى الجزائر أصلا رغم إدراجه رسميا ضمن قائمة المشاركين. ووفق الأصداء التي استقتها ''البلاد'' فإن سبب ''مقاطعة'' هؤلاء الكتاب يعود أساسا إلى عدم رضاهم عن ظروف تنظيم الطبعة الخامسة عشرة وما شابها من ''كوارث'' يأتي في مقدمتها مكان التنظيم الذي لم يكن موفقا رغم اجتهادات المنظمين في إضفاء بعض التحسينات عليه لمنع تسرب المياه والرطوبة إلى أجنحة العارضين مثلما حدث في طبعة السنة الماضية، إلا أن تلك ''الاجتهادات'' لم تقنع عددا كبيرا من العارضين الأجانب وحتى الجزائريين الذين عبر عدد منهم ل''البلاد'' عن عدم رضاه، خصوصا أن الأمطار الأخيرة أثرت كثيرا على حركة الزوار والعارضين، فيما تسربت المياه إلى أجنحة بعض الدور اللبنانية في أولى أيام المعرض. ويضاف إلى كل ذلك غياب وسائل النقل مما جعل الزوار يقطعون مسافة أكثر من ''كيلومتر'' مشيا على الأقدام للوصول إلى ''خيمة الصالون''. وفي السياق ذاته، رصدنا بعض انطباعات الزوار التي صبت في غالبها في إطار غياب الكتاب العلمي المتخصص، وغلاء الأسعار رغم ارتفاع عدد الدور الحاضرة مقارنة بالطبعة الماضية، حيث شهدت التظاهرة مشاركة أكثر من 460 ناشر ممثلين ل 34 دولة من بينهم 140 ناشرا جزائريا، كما تمثل جديد الطبعة في مشاركة ناشرين من فنزويلا والولايات المتحدة والهند وبولونيا لأول مرة، وذلك بينما شارك في العام الماضي 24 بلدا و255 دار نشر فقط. كما شهد المعرض أيضا غياب أبرز دور النشر العربية ك''الساقي'' و''رياض الريس'' و''دار العودة''، إلى جانب غياب أهم الدور الفرنسية التي تعنى بالأدب الجزائري مثل ''غراسييه'' و''لوسوييه''. مكتبيون يمنعون من شراء الكتب بالجملة من بين المفارقات العجيبة التي شهدها معرض الجزائر للكتاب هذا العام هو قرار منع مختلف المكتبيين الجزائريين دون استثناء من شراء الكتب بصيغة الجملة وإخراجها من المعرض، حيث اصطدم عدد غير قليل منهم في أولى أيام المعرض بهذا القرار المفاجئ الذي لم يجدوا له تبريرا مقنعا، ليتساءلوا عن جدوى هذا المنع الذي من شأنه أن يكدس الكتب في أجنحة العارضين بدل تسويقها، وهو الهدف الأساسي من التظاهرة بالنسبة للدور المشاركة على الأقل. ووفق المعلومات التي تحصلت عليها ''البلاد'' فإنه لم يسمح للمكتبيين باقتناء الكتب بالجملة إلى في الأيام الأخيرة من المعرض، الأمر الذي أثار غضب قطاع واسع من الناشرين المشاركين بالنظر إلى ''الفرص'' والصفقات التي ضيعت عليهم. محاباة للفرانكوفونيين وتهميش الأدباء الجزائريين من ناحية أخرى، ورغم أهمية النشاطات الثقافية التي نظمت على هامش الصالون و''ثقل'' المشاركين فيها، إلا أنها أعادت مرة أخرى طرح الأسئلة المتعلقة ب''الصراع'' القائم بين التيار ''الفرانكوفوني'' والمعرب في الجزائر والعالم العربي، حيث خصصت غالبية النشاطات لكتاب ومثقفين يحسبون على تيار ''الفرانكوفونية''، حتى أن ندوة ''الأدب والسينما'' التي شارك فيها المخرج أحمد راشدي والروائية السورية عبير إسبر وعالم الاجتماع الجزائري عزوز بقاق وآخرين، كانت باللغة الفرنسية، وينسحب الأمر ذاته على الندوات التكريمية التي أقيمت على شرف الراحلين عبد القادر جغلول وعبد الله شريط ولخضر بن طوبال وندوة ''صورة المرأة ومكانتها في الأدب'' وغيرها. وفي السياق ذاته، استغرب مدير النشر ب''منشورات الاختلاف'' بشير مفتي في حديث ل''البلاد'' ما سماه ب''الإقصاء الواضح'' للكتاب والمثقفين الجزائريين المعربين، فإلى جانب استبعاد د ور النشر الجزائرية من تحضير البرنامج الثقافي، شهد المعرض إقصاء أغلب الروائيين الجزائريين الذين أصدروا أعمالا جديدة هذا العام من المشاركة في تلك النشاطات. من ناحية أخرى، انتقد محدثنا تخصيص أهم الأمكنة والزوايا في المعرض لصالح دور نشر فرنسية، بينما منحت الدور العربية والجزائرية أجنحة ''أقل أهمية'' توزعت على الأطراف وبعيدا عن المدخل الرئيسي ل''خيمة الصالون''، مفسرا الأمر من باب ''الإقصاء الواضح للمعربين وتفضيل التيار المفرنس''، على حد تعبيره.