إن أفضل خدمة للعربية هي لغتنا الجامعة والموحدة، وليست الأحادية وهي أيضا الإبداع بها وتغذيتها بالإنتاج العلمي والترجمة والعناية بها لتستوعب العلوم والتكنولوجيا الحديثة• ذهبية عبد القادر ومن جانبه، تحدث الروائي رشيد بوجدرة عن تجربته في الكتابة وقال إن الأساس في كتابة القصة هي اللغة أو النص أو بمعنى آخر "كيف يكتب الروائي؟"، واعتبر أن ما يقصه الكاتب ليس مهما، واستشهد رشيد بوجدرة بمقولة لروائي فرنسي أكد فيها أن الكاتب الحقيقي هو القادر على تكوين قاموس لغوي خاص به يتميز به عن بقية الكتاب الآخرين• واعتبر صاحب "الحلزون العنيد" أن القضية المطروحة اليوم في الأدب الجزائري هي أن على الشباب الطموح أن يكتب ولا يغفل أهمية اللغة، وأكد على أن الإبداع يأتي من اللغة وأن على كل كاتب أن يتميز عن الآخر بغزارة اللغة، فعليه أن يتلاعب باللغة، وأن تكون له لغة تمكنه من شرخ الموضوع والدخول فيه بطريقة داخلية ومؤلمة• وقال بوجدرة إنه كتب بالفرنسية لسببين فالأول متعلق برغبته في الهروب من الرقابة السياسية، وقال إنه حين صدر له ديوان شعري في 1956 تعرض لمقص الرقابة، أما السبب الثاني فيعود لضعف المقروئية آنذاك بالعربية، وأشار إلى أن الروح الوطنية هي السبب وراء عودته للكتابة بالعربية، وقال أردت أن أكتب بلغة وطني، بلدي ولأنني كنت شغوفا بهذه اللغة إلى حد العشق كما يقول ابن عربي• وأكد صاحب "يوميات امرأة أرق" أن الإبداع يكمن في قدرة الكاتب على تحريف اللغة واعتبره أمرا صحيا، وأشار إلى ان الكاتب الفرنسي لوي دي فردينو أدخل اللغة السوقية في روايته الأولى واستعمل فيها أيضا الكلاسيكية فكان له قاموس لغوي خاص به، واعتبر أن اللغة السوقية هي التي ساعدته للانتقال للكتابة بالعربية• وقال رشيد بوجدرة إنه حين يكتب فإنه يجد صعوبة في استعمال حرف الجر وأنه إلى يومنا هذا يجد مشكلا في تصريف الأفعال إلى صيغة استمرار وصيغة نصب الفعل في اللغة الفرنسية، رغم أنه كان تلميذا نجيبا في الفرنسية• من جهته، اعتبر الكاتب مرزاق بقطاش أن الرواية تمثل خلاصة المعرفة الإنسانية وزبدتها، فالكاتب حسبه يظل في حركة مستمرة ولا يقبل المراوغة في المكان الواحد• وقال الدفق يظل طليعيا، إنه أشبه بالعازف، والروائي إذ يتعامل مع ذاته فهو يعالج موضوعا اجتماعيا وهو بحاجة لأدوات ليقولب أفكاره• وقال صاحب "عزوز الكابران" إنه يستحيل عليه الكتابة على شاكلة الجاحظ، فالمادة التي يملكها ككاتب والعصر الذي يتواجد فيه لا يسمحان له بذلك وقال إنه يسعى لإنشاء لغة أي أسلوب خاص به• وأعاب بقطاش على الدول العربية أنها أول أمة كتبت الرواية في تاريخ الإنسانية وهي رواية "الحمار الذهبي" لابوليوس، ولكن الأدباء العرب تخلوا عن الرواية كفن وأخذوه من الأوروبيين• تعرض مرزاق بقطاش لتجربته في الكتابة من الدارجة إلى العربية الفصحى، حيث أكد أنه كتب رواية "خويا دحمان" بالدارجة قبل أن ينقلها إلى العربية، وهو ليس عجزا منه وإنما أراد أن يوظف الموروث الشعبى الجزائري الذي أصبح مهددا حسبه بالزوال• وكشف أن هناك الكثير من الكلمات الشعبية التي تفلت منه ولا يجد لها مرادفا بالعربية، وتأسف لكوننا لا نملك مؤرخا يجمع كل الموروث الشعبي لأنه أكثر عمقا• وقال "أنا أبحث عن اللغة فحين أبحث عن اللغة أبحث من خلالها عن الإنسان، والرواية في عصرنا هي الحرية ولقد تخلفنا في هذا المضمار رغم أننا أول من كتب الرواية"• تم على هامش اللقاء تكريم الروائي رشيد بوجدرة ومرزاق بقطاش والشاعر عمر أزراج من طرف المجلس الأعلى للغة العربية•