تخوض الحكومة الجزائرية معركة دولية لاستعادة ما لا يقل عن 50 مليون وثيقة تاريخية تتضمن وقائع تعذيب تعرض لها آلاف الجزائريين داخل السجون والمعتقلات، خلال "ثورة التحرير" ضد الاحتلال الفرنسي. وذكر مدير المركز الوطني للأرشيف، عبد المجيد شيخي، إن إدارة النزاع على ملكية أصول الأرشيفات المرحّلة إلى فرنسا تتولاه السلطات السياسية وأن تحركاته على مستوى المجلس الدولي للأرشيف ترمي لترسيم حق الدول المتضررة في الاطلاع على هذا الأرشيف وتصنيفاته. وأكد شيخي في تصريح للإذاعة الوطنية، أمس، أن أول طلب رسمي بعثت به الحكومة الجزائرية إلى نظيرتها الفرنسية لاسترجاع أرشيفها الوطني، كان سنة 1963 من طرف الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة ، ولايزال العمل والمحادثات قائمة ومستمرة من طرف مجموعتي عمل جزائرية فرنسية. وأوضح أن الطرف الفرنسي قسم الأرشيف إلى قسمين، أرشيف التسيير وهو الذي سمحت بإرجاع جزء منه لأنه لا يثير مشاكل سياسية، وأعطى مثالا عن أرشيف تسيير مدينة الجزائر بين 1830 إلى 1962، بينما تتمسك يقول بأرشيف السيادة الذي لم تعط تعريفا دقيقا له حتى الساعة، وقال "إن فرنسا تصر على قبولنا مبدأ التصوير والنسخ لأرشيفنا لديها والتنازل عن حق ملكية الأصول وهو ما لن تقبل به الجزائر أبدا". من جهة أخرى، صرح المتحدث أن الأرشيف الوطني يسعى بالتنسيق مع المجلس الدولي للأرشيف والجامعة العربية، لاسترجاع الأرشيفات العربية المسلوبة من المستعمرين على مر الزمن، وقال إن هذا الموضوع لقي مساندة من عدة دول عربية وأجنبية. وأكد أن الجزائر طرحت هذا الموضوع ضمن المجلس الدولي للأرشيف في فينا 2004، وأنها عملت على إنشاء فرع ضمن المجلس، يدعى "الأرشيف المرحّل" وهو يعني الأرشيف الذي تم إخراجه من إقليمه الذي أنشئ فيه إلى أقاليم أخرى، تكون في الغالب دول احتلال مثل بريطانيا، فرنسا، الولاياتالمتحدة، ألمانيا. وفي السياق، ذكر شيخي، أن الجامعة العربية أنشأت مؤخرا لجنة مصغرة تضم عددا من الدول من ضمنها الجزائر، تعكف على دراسة الأرشيفات المرحلة والمسلوبة والاجتماع دوريا للبحث عن إستراتيجية لعمل عربي مشترك في هذا الميدان. من جهة أخرى، كشف المدير العام للأرشيف الوطني عن تنظيم ندوة دولية مطلع ديسمبر القادم حول "الإعلام العربي والثورة الجزائرية.. جريدة الأهرام نموذجا"، يتم خلالها استكمال الحوار مع المسؤولين في مؤسسة الأهرام المصرية بشأن تسليم الجزائر نسخا عن كل المقالات المكتوبة حول الجزائر منذ سنة 1870. وأكد أن الندوة ستعرف مشاركة مسؤولي جرائد رائدة لدول ساهمت في نشر القضية الجزائرية إبان الثورة مثل ليبيا، السعودية، السودان، سوريا، لبنان والعراق. وقال المصدر إنه تم الاتفاق مبدئيا مع المسؤولين بمؤسسة الأهرام المصرية، على تسليم الجزائر نسخا عن كل المقالات التي وثقت تاريخ الجزائر منذ 1870، وأنه استحسن تجاوب الطرف المصري وتسهيله الأمور بهذا الخصوص. وأضاف أن المقالات التي سيتم جمعها، ستشكل رافدا مهما بالنسبة للباحثين الجزائريين في تاريخ بلدهم عبر مختلف الحقب ضمن التاريخ المذكور.