سوناطراك دفعت 1.7 ملايين أورو ل "كونتال فونكوارك" بطريقة غير قانونية وصف النقيب، عبد المجيد سيليني، ممثلا في دفاع سوناطراك، أن فضيحة الفساد التي هزت المجمع هي "وصمة عار في تاريخ الجزائر" وأنها شوهت صورته بالخارج، فضلا عن الثقة التي فقدها الشعب الجزائري فيما استأمنه على ثرواته ومصدر استرزاقه، فيما فجر دفاع المجمع النفطي سوناطراك الثاني، قنبلة مدوية في مرافعته كطرف مدني في محاكمة قضية سوناطراك 1 التي دخلت، يوم أمس، جلستها الثامنة عشر، حين اعتبر أن وقائع قضية الحال "هي مدبرة بين أطراف" لنهب المال العام الذي لم يبدي بعد موقفه من الأضرار الناجمة عن الخروقات المرتكبة ولم يتمكن من تحديد مدى الضرر اللاحق بها بعدما عجز الخبراء عن تحديد الخسائر، فيما أبدت الخزينة العمومية تمسكها بتأسيسها كطرف مدني في القضية باعتبار أن سوناطراك "ملك للدولة". وصف النقيب، عبد المجيد سيليني، فضيحة الفساد التي هزت سوناطراك ب«وصمة عار في تاريخ الجزائر" وهي الواقعة التي هزت صورة البلاد بالخارج، كما وصف الصفقات التي حظيت بها شركة "فونكوارك" ب "المهزلة" وراح أبعد من ذلك حين رجح أن تكون قضية الحال التي تعد أكبر فضيحة فساد يعالجها القضاء الجزائر "مفتعلة" من امتدادات الفضيحة المطروحة أمام القضاء الإيطالي الذي سيفصل جلسة 23 جانفي الجاري في تأسس سوناطراك كطرف مدني في القضية المطروحة أمامه. وهي القضية حسب دفاع سوناطراك، التي يتطلع لنتائج أحكامها 40 مليون جزائري ممن يعتبرون أن المتورطين في قضية الحال وعلى رأسهم "آل مزيان" قد "خانوا الأمانة ونهبوا أموال الشعب"، بما فيهم زوجة الرئيس المدير العام الأسبق التي حالت وفاتها دون متابعتها هي الأخرى قضائيا عن خلفية الشقة التي اشتريت لصالحها بباريس مقابل 650 ألف أورو قائلا "كيف نفسر شراء شقة باسمها.... وهل سقطت من السماء"، في إشارة منه إلى أنه لا "دخان بلا نار"، ليشدد بالقول إن هذه القضية هي "تلاعب بقوت الجزائريين" بحكم أن سوناطراك تمثل نسبة 98 بالمئة من مصدر استرزاق المواطن الجزائري، فيما تساءل عن خلفية تحول رضا مزيان ومغاوي الأب والابن وآل اسماعيل إلى مستشارين ضمن عقود "سايبام" المبرمة في إطار التراضي البسيط الذي تحول كإجراء استثنائي إلى قاعدة في سوناطراك وخصت بطابع الاستعجال وبأسعار مضخمة فاقت نسبتها ال 40 بالمئة. كما استغرب الدفاع كيف لسوناطراك أن تتعاقد مع كونتال فون كوارك التي رأسمالها لا يتجاوز 50 ألف أورو على مشاريع بقيمة 1600 مليار سنتيم، وتتعاقد مع آل اسماعيل ب 1100 مليار سنتيم ورأسماله لا يتجاوز ألف مليار سنتيم؟ وتطرق النقيب إلى الزفاف الأسطوري الذي أقامه رضا مزيان بتونس وكان ضيف شرفه "تيليو أورسي" رئيس شركة "سايبام، الذي كان وراء عقد الاستشارة وقرض 400 مليون سنتيم وفسرت من قبل المتهم على أساس أنها قانونية، متسائلا عن سبب هروب "أورسي" مباشرة عقب تفجير الفضيحة. كما أشار الدفاع إلى خرق فاضح شمل تعامل سوناطراك مع الشريك الألماني فون كوارك الذي انقضى وجوده القانوني في سوق الصفقات في 13 مارس 2008 ومع ذلك دفعت له سوناطراك مبلغ 1.7 ملايين أورو. "سوناطراك لم تتمكن لحد الآن من تحديد الضرر اللاحق بها" في سياق ذي صلة، عقب الدفاع الثاني للمجمع، على ثنائي دفاع الوكيل القضائي للخزينة العمومية وادعاءاتهما بأن سوناطراك أخلت المتهمين من مسؤولياتهم وأقرت بعدم وجود أي ضرر في قضية الحال، ليشدد بالقول إن "سوناطراك لم تتمكن لحد الآن من تحديد الضرر اللاحق بها"، موضحا أن الأربعة أسابيع التي مضت من مناقشة مجريات المحاكمة في الملف تضمنت 3 محاور أساسية، شمل المحور الأول المتهمين الذين تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات، تضم الأولى 12 متهما لهم علاقة بصفقات نظام الحماية البصرية والمراقبة الإلكترونية ونظام منع التوغل توبعوا بجناية قيادة جمعية أشرار، يتقدمهم، محمد مزيان الرئيس المدير العام، فيما ضمت المجموعة الثانية 4 متهمين بينهم الشركة الإيطالية سايبام ومزيان الأب ونجله محمد رضا ممن لهم صلة بمشروع "جي كا3 غالسي" المبرم مع سايبام الإيطالية، بينما ضمت المجموعة الثالثة 5 متهمين بخصوص صفقة إعادة ترميم مقر "غرمول". ليعرج الدفاع على المحور الثالث الذي خص الصفقات والأغلفة المالية التي رصدت ل 3 مشاريع داخلية خاصة ب 13 منشأة بترولية تعني كل من المركب الصناعي بحاسي مسعود وقاعدة الحياة 24 فيفري 1971 بقيمة 1100 مليار سنتيم في إطار العقود المبرمة مع مجمع "فون كوارك"، فيما حظيت شركة سايبام الإيطالية بمشروع "جي كا 3" كلف سوناطراك 150 مليون دولار، الذي كان الهدف منه توصيل القنوات بين حاسي الرمل وسردينيا، كحصة ثالثة بعدما حظيت الشركة المصرية "بيتروجات" بصفقة الحصتين الأولى والثانية، في حين كانت الصفقة الثالثة خاصة بمشروع ترميم مقر غرمول وتضمنت شقين الأول بالدراسة فاز به مكتب الدراسات "كاد" للمتهمة نورية ملياني والثاني بالإنجاز وفازت به الشركة الألمانية "إمتاك" عن طريق مناقصة بمبلغ 73 مليون أورو أي 8 آلاف مليار سنتيم قبل أن يتم تخفيضه بنسبة 11.6 بالمئة أي ما يعادل 64 مليون أورو. أما المحور الثالث والأخير يضم نتائج الإنابات القضائية حول العائدات المالية للمتهمين التي ضخت في حساباتهم البنكية بالداخل والخارج، على غرار آل إسماعيل الذي تحصل 1.5 ملايين أورو ومبلغ 30 ألف أورو شهريا وجرد مبلغ 300 ألف أورو بحساب الرئيس المدير العام السابق للقرض الشعبي الجزائري مغاوي الهاشمي، ومبلغ 230 ألف أورو في حساب نجله "يزيد"، قبل أن يشدد على المبالغ المالية التي دخلت أرصدة المتهمة نورية ملياني في أربعة أيام والمقدرة ب400 ألف أورو، دون ذكر العقارات المنقولة. كما وقف الدفاع عند عدة تفاصيل متعلقة بالمتهمين وتعاملاتهم، الأمر الذي شمل أيضا الشركات المتهمة، إضافة إلى الأخد بعين الاعتبار أقوال الشهود المسؤولين، على غرار المدراء العامين الذين تعاقبوا على المنصب بعد المتهم، محمد مزيان، حيث تم الاستدلال بها للقول بصريح العبارة "هناك تلاعب عن سابق تخطيط لنهب مال سوناطراك"، بذكره أن المجمع مصدر للطمع مقارنة برقم أعماله الذي قدره ب 62 مليار دولار، كما أكد أن سوناطراك لحق بها ضرر رغم عدم تحديده. دفاع الخزينة العمومية يصف شراكة فون كوارك وكونتال ب"زواج المتعة" وخلال مرافعة دفاع الخزينة العمومية المؤسسة هي الأخرى كطرف مدني، أكد أن الدولة الجزائرية هي طرف في قضية الحال "بقوة القانون"، وأن الدولة "معفية" في تقديم تأسيسات قانونية في القضايا التي تكون طرفا فيها بحكم أن الأمر يتعلق بالمال العام. وراح الدفاع يصف شراكة "فونكوارك" الألمانية و«كونتال آلجيريا" في إطار تنفيذ مشروع المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية وأنظمة منع التوغل ب«زواج المتعة"، في إشارة إلى مصلحة الشركتين في استنزاف أموال سوناطراك، حسب قوله. كما استبعد طبيعة الاستعجال التي خصت المشاريع محل متابعة قضية الحال، لاسيما ما تعلق بتهيئة مقر سوناطراك بغرمول بالعاصمة الذي استنزف 8 آلاف مليار سنتيم، والذي لم تكن له مبررات لهدر أموال لغير منفعة فعلية. وأعاب الدفاع ما وصفه ب "أنانية" إطارات سوناطراك المكلفين بمشروع غرمول، ممن أقروا إقامة دراسة مع مكتب دراسات جزائري لمالكته المتهمة، نورية ملياني، ثم الاستنجاد بمكتب الدراسات "أوشال" الألماني الذي لم تكن تكاليفه مجانية، فضلا عن اعتماد شريك أجنبي للقيام بأشغال بسيطة، وهو ما اعتبر على حد قوله "تبذير للمال العام"، كما استنكر طريقة إبرام الصفقات محل متابعة التي أخضعت جميعها لمبدأ "تحديد السعر" ضمن عقود التراضي والاستشارات المحدودة. ملتمسا قبول تأسيس الوكيل القضائي للخزينة العمومية طرفا مدنيا في قضية الحال طبقا لنص المادة 239 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية، شأنه شأن زميله الذي أكد أن قاضي التحقيق تعامل ب "شجاعة" مع الملف الذي بلغ وزنه نحو 30 كيلوغراما وعادل أمر إحالته على محكمة الجنايات "مذكرة دكتوراه"، لأنه ضم حقائق "كارثية" بالنظر إلى حجم سوناطراك وطنيا ودوليا، فهي على حد وصفه "أسد إفريقيا" في النفط الذي يضم 120 ألف إطارا وعاملا، ولم تكن لتقهقر مستواها في المفاوضات لإقامة المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية مع مجمع "كونتال فونكوارك" الذي وصفه ب«الفأر" والذي لا يتجاوز تعداد عمال المائة عامل، فضلا لما يتمتع به إطارات سوناطراك محل متابعة وقوة مناصب ممن تم تعيين غالبيتهم بموجب مرسوم رئاسي لتنسب له تهم جنائية ثقيلة، موضحا أنه لم يكن تفاوضا بل مساومة، لكون أحد نجلي الرئيس المدير العام كان مساهما في "كونتال آلجيريا" والآخر في "الهولدينغ"، وهو ما يؤوّل دورهما للفوز بالعقود وخلق عدم تكافؤ الفرص مع الشركات المنافسة. وأنه كان خطأ من سوناطراك أن تتفاوض مع عرض أسعار سايبام المضخمة بنسبة 68 بالمئة ... وأموال داخلة وأخرى خارجة تهاطلت على المتهمين بمظلة حصص وفوائد وفي السياق ذاته، شدد الدفاع بالقول إن ملف سوناطراك 1 شهد "تلاعبا فاضحا بالمال العام"، مشيرا إلى التحويلات المالية التي كانت تصب في أرصدة عديد المتهمين قائلا "أموال داخلة وأموال خارجة في الحسابات البنكية للمتهمين.. وتتهاطل، متهمين تلقوا حصصا وفوائد من الشركات المنافسة"، وهو ما فجر قضية الحال، يضيف ويطالب المتهمين بتقديم تفسيرات بخصوص التحويلات "المشبوهة" التي كانت تصب بأرصدة المتهمين، بينها مبلغ 30 ألف أورو الذي كان يتقاضاه شهريا المتهم، آل اسماعيل محمد رضا جعفر تحت غطاء الاستشارة لفائدة شركة "باليتاك فون كوارك" الألمانية، وهو الراتب الذي لا يتقاضاه رئيس الجمهورية الجزائرية ولا وزير بالحكومة الفرنسية، معللا أن المبلغ الذي يعادل أكثر من 300 مليون سنتيم كان على سبيل الهدية أو المزية، ليؤكد أن الشركة الأجنبية محل متابعة ضخت المبالغ نظير ما حصدته من مشاريع إستراتيجية بالجزائر. وأضاف أن تخصيص 8 آلاف مليار سنتيم الذي استنزفه مشروع تهيئة "غرمول" قبل إلغائه كان الأجدر أن يوجه لإنشاء وزارة بأحدث التكنولوجيات. وأردف الدفاع قائلا إن نتيجة المشاريع التي أبرمت سوناطراك عقودها بالتراضي البسيط أو الاستشارة المحدودة هي "صورة للخروقات" التي طالت صفقات سوناطراك في قضية الحال، وهي الجرائم التي مست المال العام بحكم أن سوناطراك شركة تعود ملكيتها للدولة، وهذه الأخيرة التي تخصها بالميزانية وتتولى توزيع حصصها وأرباحها. كما أن الدولة وضعت آليات وميكانيزمات لمكافحة التلاعب وتبييض الأموال، مؤكدا ثبوت واقعة تحويلات أموال سوناطراك والأضرار الناجمة عن إبرام صفقات ب "أسعار غير مبررة".