رئيس أركان الجيش: "نرفض أن يتحوّل البحر إلى مقبرة لأبنائنا" قررت وزارة الدفاع الوطني، فتح تحقيق معمق في قضية " المفقودين" الذين تواترت أنباء غير رسمية بتواجدهم في قبضة السلطات العسكرية التونسية. وتستهدف خطوة الوزارة تحديد مصير عشرات الشبان الذين ركبوا البحر عبر رحلات متتالية في الأيام الأخيرة، وتبليغ ذويهم بنتائج التحريات الميدانية التي باشرتها لجنة مختصة بالتنسيق مع مصالح محلية وأخرى دولية. وأفاد مصدر عليم،أن نائب وزير الدفاع الوطني ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح قد أمر قائد القوات البحرية، اللواء محمد العربي حولي، بتشكيل لجنة مركزية عاجلة للتحري في قضية فقدان عشرات الشبان بعد خوضهم لمغامرة "الحرڤة" انطلاقا من شواطئ ولايتي عنابة والطارف. ونقل المصدر في تصريح خص به "البلاد" أن نائب وزير الدفاع قد شدّد على أن يتولى مهمة التحقيق في ملابسات الملف كبار الضباط من قيادة القوات البحرية بالتنسيق مع قيادة الناحية العسكرية الخامسة والمجموعة الإقليمية لحرس السواحل بعنابة وموافاته بنتائج التحريات الميدانية في أقرب الآجال. وتابع المصدر أن فريق التحقيق يكون قد بدأ مهمته أمس بالاتصال بمختلف الجهات التي تشتغل على تتبع ظاهرة الهجرة غير الشرعية على غرار مصالح الدرك والشرطة وحرس السواحل والحماية المدنية وأولياء "الحراڤة" والسلطات المحلية لجمع المعطيات التي بحوزتها واستغلالها في التحريات الميدانية موازاة مع تواصل عملية البحث عن مفقودين في عرض البحر بشواطئ الولايتين وبالتنسيق مع مصالح خفر السواحل التونسية التي تتولى بدورها عملية بحث مكثفة في المياه الاقليمية التونسية. وقال المصدر إن نائب وزير الدفاع بدا متأثرا خلال إشرافه على إطلاق "وحدة البناء البحري" بولاية عنابة، وهي محطة عسكرية جديدة تدخل حيز الخدمة للمساهمة في عصرنة واحترافية القوات البحرية. وذكر المسؤول العسكري أنه "من غير المعقول أن نسمح بتحوّل البحر إلى مقبرة لأبنائنا، يجب تكثيف العمل لمحاصرة شبكات تنظيم رحلات الحرڤة". وأعلن الفريق أحمد ڤايد صالح بالمناسبة عن توجه الجيش الوطني الشعبي لتطوير منظومة الإنقاذ بالسواحل الجزائرية لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تشهد تناميا ملحوظا باتجاه الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط. وعززت المصالح الأمنية المشتركة، ابتداء من أمس مراقبتها الميدانية على الشريطين الساحلي والبري بفرضها حملات تمشيطية مدعومة بالتغطية الجوية في سياق تنفيذ مخطط أمني إقليمي. وميدانيا تقوم وحدات المشاة للجيش الوطني الشعبي بتمشيط الوسط الغابي الساحلي بالطارف على طول 95 كلم مع عمليات تفتيش لكل ما هو جانح وراس من المراكب والزوارق البحرية بالشواطئ الرملية والصخرية والخلجان البحرية والغابية، في حين تولت فرق من مصالح الدرك الوطني تأطير عمليات التمشيط من خلال انتشارها عبر شبكة الطرق الساحلية، وعلى نفس المحور. وفي عرض الساحل البحري، تجوب عوامات مصالح حراس الشواطئ في حركة مكثفة بين أقصى نقطة بحرية حدودية مع المياه الإقليمية التونسية إلى شواطئ عنابة غربا، ومن حين لآخر تحلق جوا على نفس المحور طائرات الهيليكوبتر التابعة للدرك الوطني انطلاقا من مطار رابح بيطاط بعنابة مدعمة التمشيط الميداني بالتغطية الجوية خاصة في كشف الأدغال الغابية الساحلية والتضاريس الساحلية الوعرة. ومن المقرر أن يتم مضاعفة هذا الطوق الرقابي الذي تم رفعه إلى الحدود القصوى في هذا الظرف الموسوم بتحسن الأحوال المناخية باعتبار أن هذه المناسبة هي الموعد المفضل لدى بعض الشبكات للقيام بمغامراتهم البحرية على متن قوارب الموت، بدليل التجارب المأساوية التي تم تسجيلها في الأعوام السابقة، التي أظهرت ترصد شبكات الهجرة السرية لهذه الفترة من أجل تجسيد مخططاتها، على غرار ما تم قبل أربع سنوات مضت، عندما انتشل أعوان حرس الشواطئ جثث شباب متفسخة بالقرب من شواطئ شطايبي في عنابة بعد أن تاهوا في البحر وانقلب الزورق الذي كان يقلهم في عرض البحر.