في تطور ملحوظ لخطاب التقارب مع الجزائر، اعتبر الملك محمد السادس أن المرحلة الحالية تتطلب التعاون الوثيق مع الجزائر قائلا: ‘'ما أحوجنا اليوم، في ظل الظروف الراهنة، التي تمر بها الشعوب العربية، والمنطقة المغاربية، لتلك الروح التضامنية، لرفع التحديات التنموية والأمنية المشتركة، وإننا نتطلع لتجديد الالتزام، والتضامن الصادق، الذي يجمع على الدوام، الشعبين الجزائري والمغربي، لمواصلة العمل سويا، بصدق وحسن نية، من أجل خدمة القضايا المغاربية والعربية، ورفع التحديات التي تواجه القارة الإفريقية''. وأشار محمد السادس في خطابه الذي وجهه للمغاربة بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب التي ثار خلالها المغاربة على قرار الاستعمار الفرنسي بتنحية الملك الراحل محمد الخامس، بمسار التعاون بين البلدين منذ الثورة الجزائرية، موضحا أن : "المقاومة المغربية، قدمت الدعم المادي والمعنوي للثورة الجزائرية، في مواجهة الحملة العنيفة، التي كانت تتعرض لها، من طرف قوات الاستعمار، التي كانت تريد القضاء عليها، قبل الاحتفال بذكراها الأولى، وقد ساهمت تلك الانتفاضة، وذلك التضامن، في إعادة الروح للثورة الجزائرية. كما كان للبلدين دور كبير، في تحرير واستقلال إفريقيا". ويعتبر خطاب التقارب الذي ألقاه محمد السادس متزامنا مع رسالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أكد على ضرورة تعزيز روح التعاون بين الجزائر والمغرب. ومن الواضح جدا أن قادة البلدين على عزم لبعث روح جديدة في التعاون والتقارب بعد سنوات من الجفاء تسببت في تباعد وتنافر العاصمتين، وفتحت حربا إعلامية وسياسية، يبدو أن الوقت قد حان لطي ملفاتها وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين الجزائر والرباط. ومن المؤكد حسب رسائل الرئيس بوتفليقة وملك المغرب أن الخطاب السياسي الذي يدعو للتقارب بين البلدين لن يبقى رهينة المناسبات، بل إن عملا يكون قائما الآن لتهيئة الأوضاع نحو المزيد من التطبيع السياسي بين البلدين، بما في ذلك إعادة فتح الحدود الغربية، وهي القضية التي تعتبر من بين النقاط المحورية لتطوير وترقية العلاقات بين العاصمتين، وتجاوز العوائق التي من شأنها عرقلة مسار التقارب في ظل الاحترام المتبادل لوجهات النظر إزاء القضايا الإقليمية، كما أنه من الواضح أن البلدين قد أوجدا الحل الذي يمكنهما من تفادي الصدام في مسألة الصحراء الغربية، التي تبقى إحدى أهم الملفات التي ظل المغرب يحاول أن يدرجها ضمن شروط التطبيع، بينما تعتبرها الجزائر قضية أخرى لا علاقة لها بالشأن الداخلي في الجزائر، كون حلولها بيد المجتمع الدولي والأمم المتحدة دون أن تتنازل الجزائر عن موقفها الواضح من قضايا التحرر في العالم، وهو الموقف الذي ظلت تؤكد الجزائر على شفافيته ودقته.