لن أنسى ذكرياتي مع "شيخ المالوف" ووصيته لي قبل وفاته كشفت فنانة الأندلسي زكية قارة تركي ل "البلاد" أنها بصدد إعادة تسجيل أغنية "ظالمة" بصوتها، والتي غناها الراحل شيخ المالوف الحاج الفرڤاني واشتهر بأدائها. وقالت محدثتنا إن هذا سيكون بمثابة التكريم الخاص للفنان الذي رحل منذ أيام، زكية قارة تركي قالت إنها لن تنسى ذكرياتها مع عميد المالوف والحفلات الفنية والجولات التي كانت تقوم بها برفقته ورفقة الحاج الغافور، مشيرة إلى أنها تدين لهؤلاء الشيوخ بالتشجيع والدعم والحثّ على الحفاظ على الموروث الثقافي والفني. وأضافت مُحدثتنا التي بدت متأثرة جدا برحيل الفنان الحاج محمد الطاهر الفرڤاني، أنها لن تنسى أن الراحل كان يدعم موهبتها ويشيد بصوتها بل وحثّها في آخر لقاء جمعهما بالمواصلة في هذا المجال وكان الفنان الحاج محمد الطاهر الفرڤاني قد غيّبه الموت ليلة الأربعاء الفارط بمستشفى جورج بومبيدو بالعاصمة الفرنسية باريس عن عمر ناهز 88 سنة. ويعتبر المرحوم أول فنان في الشرق الجزائري تقام له جنازة رسمية، يحضرها كبار المسؤولين في الدولة، مما يؤكد الاهتمام البالغ بالأعمال الفنية التي تركها الفقيد، لكن أعماله وإبداعاته في الموسيقى الأندلسية وفن المالوف ستبقى خالدة للأجيال القادمة وعلى مدار عقُود من الزمن. ينحدر الحاج محمد الطاهر الفرڤاني من أسرة فنية عريقة، كان والده الشيخ "حمو" مطربا معروفا وملحنا وعازفا في طابع الحوزي، وقد كانت بداياته الفنية بامتهان حرفة الطرز الذي كان فنا شائعا آنذاك بمسقط رأسه قسنطينة، قبل أن يقتفي خطوات أبيه، بداية من سن الثامنة عشرة، ليهب حياته للموسيقى. استهل الفنان مشواره بالعزف على الناي، قبل أن ينضم إلى جمعية "طلوع الفجر"، ليتعلم فيها مبادئ الطرب الشرقي، فكان يؤدي بفضل صوته الدافئ والقوي قصائد "أم كلثوم" و"محمد عبد الوهاب" ببراعة فائقة. في 1951 حاز على الجائزة الأولى في مسابقة موسيقية بعنابة، ليسجل بعدها ألبومه الأول، فارضا نفسه به كمطرب شعبي وأستاذ في طابع المالوف. ويعد اليوم الراحل أحد معالم المالوف بفضل أدائه الموسقي المتميز، حيث استطاع التفوق على أقرانه من الفنانين بفضل صوته القوي وقدرته على أداء أغانيه على أربع مجموعات من ثماني وحدات وقتها، فضلا عن أدائه الأغاني التقليدية بطريقة متزنة، يسحر بها جمهوره الواسع والعريض. كما تميّز عبر مسيرته الفنية بحسه الموسيقي المرهف وعبقريته الفريدة في الارتجال وثراء أسلوبه، وإبداعه في العزف على الكمان، جعله مدرسة في فن المالوف لأكثر من نصف قرن. وقد حصد الحاج الفرڤاني العديد من الجوائز، وحظي بالتشريف على الصعيدين الوطني والدولي. ويبقى الفقيد يمثل إحدى أعظم مرجعيات الموسيقى الجزائرية الأصيلة.