مسافرون ل"البلاد": "الغلاء الفاحش في أسعار الفنادق بالجزائر يعرقل الحركية السياحية" شرع الكثير من الجزائريين في حزم أمتعتهم ل«الحج" إلى تونس شتاء لقضاء العطلة الفصلية واحتفالات نهاية السنة الميلادية، حيث يدخل أكثر من 10 آلاف جزائري يوميا إلى هذا البلد عبر المراكز البرية الحدودية في الطارف وسوق أهراس وتبسة والوادي، بعد قضائهم لعدة ساعات في طابور يتعدى طوله في غالب الأحيان 3 كيلومترات. واللافت أن هؤلاء يتركون وراءهم بلداً له كثير من المقومات السياحية الجاذبة: مساحة أكبر بكثير من تونس، تنوع طبيعي واسع، ساحل يزيد عن 1200 كلم، عشرات الحمامات المعدنية الطبيعية، مواقع أثرية ضخمة ومتنوعة. توجه معظم الجزائريين الذين يقصدون تونس هذه الأيام برا إلى المركزين الحدوديين أم الطبول والعيون بولاية الطارف، في حدود الساعة الرابعة فجرا بهدف إتمام إجراءات الدخول في ظرف قياسي، لكن بمجرد الاقتراب من الموقع، تكتشف أنك لست الوحيد الذي يفكر بهذه الطريقة وأنّ هناك العشرات من المسافرين قد سبقوك إلى هناك، لتجد نفسك وسط الطابور تنتظر دورك الذي قد يصل إلى 5 ساعات، وقد نجح إلى حد كبير تسخير الإمكانات البشرية والمادية لمصالح شرطة الحدود ومصالح الجمارك الجزائرية في احتواء هذا الضغط، من خلال تسهيل وسرعة الإجراءات لتفادي إحساس ومتاعب ومعاناة العابرين بالنقائص التي ما زالت مسجلة منذ سنوات على مستوى المعبرين. وذكرت مصادر رسمية أن حركة العبور نحو الجمهورية التونسية بلغت ذروتها منذ يوم الأربعاء الماضي مقارنة مع حركة تنقل الأشخاص خلال الصائفة، حيث سجلت منذ 21 ديسمبر الماضي، تاريخ بداية العطلة الشتوية، عبور 4 آلاف شخص بينهم ألف شخص يدخلون التراب الوطني و3000 سيارة في اليوم باتجاه تونس. وتشهد مختلف البوابات الحدودية الشرقية نفس أجواء الضغط، حيث ارتفع معدل دخول الجزائريين إلى التراب التونسي بنسبة 65 بالمائة ابتداء من النصف الثاني من شهر ديسمبر حسب إحصائيات رسمية حصلت عليها "البلاد" من شرطة الحدود ومصالح الجمارك. ويرى عبد السلام (أستاذ متقاعد من التعليم الثانوي) أنه لا يتخيل عدم ذهابه لقضاء عطلته مع العائلة في تونس، هو الذي دأب على ذلك منذ أكثر من 10 سنوات، ويقول "ما توفره لنا تونس من ظروف للسياحة يفوق بكثير ما توفره لنا الجزائر، فإن كانت ميزانيتي تسمح لي بقضاء 15 يوماً في أفخم الفنادق في مدينة الحمامات أو مدينة سوسة، أنا وأسرتي الصغيرة، فإن الأمر يختلف تماماً في الجزائر، حيث الميزانية نفسها لا تفي لقضاء ليلتين اثنتين". الأمر نفسه يؤكده سمير (إطار بمؤسسة خاصة) "قضيت 5 أيام مع وزوجتي وابني في أفخم فنادق مدينة الحمامات في تونس، بميزانية لم تتجاوز 28 ألف دينار جزائري. فيما المبلغ ذاته لا يغطي مصاريف سوى ليلة واحدة أو ليلتين على أكثر تقدير في فندق شبيه نوعاً ما في الجزائر، وهو ما يجعلني أحبذ تونس على بلدي لقضاء عطلتي ولو كانت فصلية في الشتاء بصحبة أسرتي". وعلى صعيد متصل، تعرف عمليات صرف العملة بهذه النقطة المحورية ارتفاعا في سعر صرف الدينار التونسي، حيث يستبدل 100 دينار تونسي مقابل 7200 دينارجزائري عكس ما كان عليه قبل الصيف 6800 دينار جزائري، كما شهدت عملة الأورو هي الأخرى ارتفاعا موازيا، حيث 100 أورو مقابل 16200 دينار جزائري. وفسر بعض المتتبعين هذا "التدفق" القياسي للجزائريين نحو الجمهورية التونسية، بالإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها قوات الأمن التي أعادت "الطمأنينة" بخصوص مجابهة أي طارئ، خاصة أن تماس الشريط الحدودي تعزز في الآونة الأخيرة بانتشار مكثف لوحدات الجيش الوطني الشعبي في أهم المحاور والمواقع الحدودية الاستراتيجية في عمليات مراقبة ميدانية بالتنسيق مع مصالح حرس الحدود، التي أخذت مواقع متقدمة لها على تماس الحزام الحدودي، وخاصة الأبواب الحدودية المشبوهة بعمليات حركة وتنقل عصابات التهريب على الحدود، التي قد تلعب الدور اللوجستيكي للجماعات الإرهابية في الضفتين.